رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستشار ملكة بريطانيا "يسلخ" رئيس الوزراء.. "كاميرون" يستعيد ذكريات العراق وأفغانستان.. ويدعو للتورط في "المستنقع" السوري بحجج واهية

جريدة الدستور

قال فيليب ساندز، مستشار ملكة بريطانيا وأستاذ القانون في جامعة لندن، إنه بينما يُهيّئ ديفيد كاميرون الأجواء للعودة إلى مجلس العموم لطلب دعم من أجل قصْف سوريا؛ فإن البعض سيبحث "عبثا" عن استراتيجية طويلة المدى ليهتدي بها كاميرون.

ورصد "ساندز"- في مقال نشرته الـ"فاينانشيال تايمز"- قول "كاميرون" في حوار له، الأسبوع الماضي: "نريد سوريا متحررة من الأسد ومن داعش".

وعلّق "ساندز"، قائلا إن هذا "طموح" يتعذر تسميته "سياسة"، ومن ثم.. لن يسمح القانون الدولي بدعم هذا الطموح بالقوة.

ولفت إلى أنه قبل نحو شهر، سلكت حكومة كاميرون مسلكا آخر مختلف، وهو الاحتجاج بدعوى الدفاع عن النفس؛ بعد مقتل اثنين من الرعايا البريطانيين يُعتقد أنهما مجندين بداعش، جراء قصف شنته طائرات بدون طيار في سوريا.. ولكن بعد أيام قليلة تبين أن الحجة غير المسبوقة كانت واهية لدرجة تحول دون تقديمها للأمم المتحدة لشرعنة قصْف سوريا.

وشددّ "ساندز" على أن كلاً من السياسة والقانون والتحرك هي جميعا مسائل متداخلة، وكما يُذّكرنا لورد فالكونر، وزير العدل في حكومة الظل، فإن أية حجة لتوجيه ضربات جوية في سوريا تتطلب وجود عنصرين أساسين: عسكري وقانوني، وهذان العنصران ينطلقان بالأساس من استراتيجية واضحة ومتناغمة حول سوريا ، استراتيجية تجيب عن أسئلة حيوية: "ماذا نستهدف؟" و"كيف نصل؟" و"كيف نغادر؟".

وقال "ساندز" إنه يتعين على كاميرون أن يقدم استراتيجية يطول مداها لسنوات حول التعاطي مع الأزمة في سوريا، ثم بعد ذلك، يشرح كيف ستساعد عمليات القصف بالقنابل البريطانية على هذا البلد في إنجاز هذه الاستراتيجية.

وأكد أنه بدون هذه الاستراتيجية، فمن العبث سَوْقُ حجج واهية قانونيًا، لتبرير استخدام القوة على نحو تبدو معه بريطانيا بمثابة "تابع أعمى لآخرين".

ونوه "ساندز" عن توّقف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن التعاطي بفاعلية مع المسألة السورية، وعليه فليس ثمّ جهة تمنح الشرعية للقصف البريطاني.

وبخلاف الروس، الذين يقولون أن الحكومة الشرعية السورية وجهت إليهم دعوة لدخول سوريا، فليس ثمّة جهة يستطيع "كاميرون" أن يستخلص منها إذنا لدخول الحرب السورية، ولهذا.. فهو يتحايل على البند 51 من ميثاق الأمم المتحدة الخاص بالدفاع عن النفس، والذي يسمح باستخدام القوة في حالتين: إما في "حال التعرض لهجوم مسلح" أو "أن يكون هذا الهجوم وشيكا".. ولكننا لم نحصل على دليل في هذا الصدد، كل ما هنالك هي محض ادعاءات بشأن تهديدات لأمننا القومي.

وقال ساندز إن التدخلات الكارثية في كل من أفغانستان والعراق وليبيا زادت الأوضاع سوءا في تلك البلاد، وقد أسهم كاميرون بنصيب وافر في تلك الحروب الثلاثة، وها هو الآن يجد في نفسه القدرة على إخبار الجمهور بأن الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يرحل لمساعدته في إنشاء "داعش" ويعمل الآن كـ"رقيب تجنيد" للتنظيم الإرهابي، "تماما" كما لو أن أفعال "كاميرون" غير مرتبطة بالأحداث التي ساعدت في ظهور داعش في الوجود.

واستطرد: "إن جنرالات نظام صدام حسين هم من يقودون داعش .. إن التدخل في العراق كان مجازفة غير مدروسة وغير قانونية ولم تحظ بالاستعداد اللازم"، متابعًا بأن قضية التدخل في سوريا لا تقف على أرضية أكثر صلابة من تلك التي كانت تقف عليها قضية التدخل في العراق.

وأضاف ساندز: "بدلا من إهدار الوقت في تلفيق حجج قانونية واهية للقصف بالقنابل، يتعين على كاميرون أن يتبنى سياسة أنسب للتعاطي مع الصراعات المستشرية في المنطقة .. فطوعا أو كرها، سيجد كاميرون نفسه مضطرا للدخول مع كافة الأطراف الأكثر فاعلية في الصراع السوري المعقد، بما في ذلك روسيا وإيران وتركيا والأكراد وغيرهم .. كما سيضطر للتعامل مع الحقيقة الخاصة بأن الأسد سيضطلع بدور في البحث عن تسوية أطول مدى".

ويتابع ساندز: "وعلى الرغم من خطورة الأمر، فإن كاميرون أخبرنا الأسبوع الماضي أن العمل لم يبدأ بعد "نحن حتى لم نبدأ النقاش .. إننا بحاجة إلى بدء النقاش حول كيفية حدوث العملية الانتقالية".. ويعلق ساندز قائلا: "إن هذا اعتراف مذهل من جانب كاميرون، اعتراف يقول إننا نسير نياما صوب كارثة أكبر."