رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نظرة السيسى لعالم مضطرب


تتحرك مصر بقيادة الرئيس السيسى برؤية واضحة فى مسرح دولى مرتبك، مسرح بدأ فيه الصراع الدولى يأخذ أشكالاً متعددة، منها صراع شبه عسكرى فى مناطق متعددة من العالم، لكن الصراع والتنافس لن يقفا عند الصراع العسكرى فقط، ففى التوقيت نفسه هناك تنافس اقتصادى محموم حول مصادر الطاقة بدأت انطلاقته مع انهيار اسعار النفط، إلى جانب حرب عملات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك يعيش العالم حرب المعلومات التى كانت آخرها حملة الشائعات التى أدت إلى انهيار مؤقت فى بورصات الصين، كل هذا إلى جانب ظهور الإرهاب وميليشيات شركات الأمن الخاصة مثل «بلاك ووتر» وغيرها من الكيانات التى تمتلك أسلحة بعيداً عن أجهزة الدول وسيادة القانون الدولى.

وسط كل هذه التفاعلات تأتى سوريا كمركز للصراع الدولى وتحولت الآن إلى أرض مفتوحة لصراعات النفوذ الدولى بين القوى الإقليمية المختلفة، وقد كنا مع سوريا والحفاظ على وحدتها ولم نكن فى يوم من الأيام فى حزب الجيل مع التغيير الذى يريده البعض فى تغيير رأس السلطة، وكنا ضد إنشاء حالة من الفوضى تؤدى إلى إنهاء سوريا الدولة والمجتمع إلى الأبد، كان حرصنا فى مصر يأتى فى إطار استعادة دور الدولة السورية بمؤسساتها فى كل ربوع سوريا، مع البدء فى عملية إعادة إعمار لما فقدته سوريا من بنية تحتية خلال حرب التدمير والخراب التى تعرضت لها سوريا على أيدى ميليشيات الإرهاب التى دعمتها سياسات تركيا ذراع حلف الناتو فى الشرق الأوسط.

والآن يبدو واضحاً أن رهانات مصر تسير فى اتجاه واضح بدأ العالم يدرك حقيقته، وهى أن التغيير السياسى يجب أن يأتى بإرادة الشعوب وبشكل سلمى وفى إطار جهاز دولة قوى وقادر على حماية التماسك الاجتماعى، لكن اللعب بأدوات التغيير العنفى واستخدام تقنيات الحروب غير المتماثلة والتخطيط لإشاعة الفوضى وتحويل مسارات ثورات الشعوب إلى فوضى منظمة ومهندسة فهذا أمر غير مقبول وسيؤدى إلى تحويل العالم إلى ساحة من الفوضى لن تقف عند دولة بعينها ولن تستهدف قوة دون الأخرى.

بشكل أكثر وضوحاً مصر بلد يرى العالم دون تشوش، وتتحرك بإدراك عميق وبصيرة نافذة، بحسابات الواقع نحن بلد يمتلك عقلاً وذهنية استراتيجية على أعلى مستوى، لكن بجسد مترهل أثقلته الظروف وأثرت عليه عوامل الزمن، ولهذا فإنه وفى ظروف غير مواتية يحاول هذا العقل السليم أن يرشد الاحتياجات للجسد المثقل بالمشاكل والأحمال، وببساطة يبدوا واضحاً أن مصر بلد يحاول أن يوظف ذكاءه فى نقل مصر نقلة سريعة للاستفادة القصوى من الأوضاع الدولية المتغيرة، ولا شك أن القيادة السياسية العاقلة تعى جيداً أنها تدير صراعاً ليس خارجاً، وإنما هى فى قلب الصراع.

أكثر ما يميز الرئيس السيسى فى هذه اللحظة الهدوء وسرعة البديهة والقدرة القصوى على اقتناص الفرص، هكذا ينظر السيسى لعالم مضطرب.