رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكومة المهندس شريف إسماعيل


يبدو واضحاً أننا أمام حكومة تسعى لتخطى عدة أزمات فى وقت واحد، ففى ظل أزمة عزوف عدد كبير من نخب التكنوقراط عن عدم المشاركة فى هذه الحكومة التى يعرف الجميع أنها مؤقتة نتيجة اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، وسريان تكهنات حول إعادة تشكيل الحكومة عقب تشكيل مجلس النواب، هذه الملابسات كانت إحدى العراقيل أمام وزير البترول السابق فى اختيار من يساعده فى إدارة مسئوليات ملف الخدمات والحقائب السيادية. لكن فى اعتقادى أن هذه المشكلة سيتخطاها رئيس الوزراء المكلف بالاستعانة بأكبر قدر من وزراء حكومة المهندس إبراهيم محلب فى حال استمرت حالة الرفض من عدد ليس قليلاً من النخب المتخصصة والتى فى الغالب تكون من خارج الجهاز الحكومى، أما المتخصصون من العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة فلا مشكلة فى فكرة رفضهم للمنصب الوزارى. لكن السؤال هنا... ما خطة الحكومة المستقبلية فى مجالات الاقتصاد والطاقة والبناء الاجتماعى الوطنى فى مجالات التعليم والصحة وغيرها من الخدمات التى يحصل عليها المواطنون بانتظام؟، أليس غريباً أن كل الحكومات من بعد 25 يناير تحديداً لا تمتلك سياسات واضحة أو خطة شاملة، وهى فى الغالب أشبه بحكومات تسيير الأعمال، حتى بالرغم من المجهود الوافر والإخلاص فى العمل الذى قدمه المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الأسبق، فالرجل قاتل حتى اللحظة من عمر حكومته من أجل تحفيز بيئة العمل فى الجهاز الإدارى للدولة، خاصة أن محلب كان يتمتع بعلاقات واسعة ومتشعبة لدى قطاعات واسعة من السياسيين والإعلاميين، وهذا أضاف إلى محلب قدرة إضافية على مواجهته تحديات بلدنا على كثرتها وتعددها. ما أتمناه أن يقوم المهندس شريف إسماعيل بتحديد رؤية عامة للحكومة لا تتوقف عند حدود عرضها فى مجلس الوزراء، وإنما إشراك أكبر قدر من النخب الجامعية والسياسية وغيرهم من المتخصصين والمهتمين بالشأن العام فى مصر، من أجل ترسيخ فكرة المشاركة المجتمعية التى ستكتمل بوجود البرلمان. نحتاج من الحكومة أن تحدد رؤيتها بالنسبة لقضايا العدالة الاجتماعية، وأن ترى بعين الاعتبار خريطة واضحة للمجتمع المصرى متمثل فى الطبقة الوسطى وطبقات الصناع والحرفيين والفلاحين وغيرهم من الطبقات التى لاحظنا ارتباكاً حكومياً فى التعامل معها خلال الفترة الماضية. نريد من الحكومة أن تهتم بمؤشرات الرأى العام، وكذلك أن تمعن النظر فى آثار القرارات الاقتصاية على المواطنين، فليس طبيعياً أن يتم اتخاذ قرار بمنع تصدير القطن مثلاً دون دراسة آثار هذا القانون على الفلاحين مثلاً، أو مثلما حدث من وزير العدل الذى تحدث بعدم تروى عن انعدام فرص أبناء طبقة بعينها فى أن يكونوا قضاة.الحكومة الجديدة تحتاج إلى تصريحات منضبطة، وجهاز إعلامى مرن وذكى وسريع الحركة يستطيع أن يوجه خطاباً سياسياً للرأى العام مختلفاً عن الخطاب الموجه للبرلمان، وأن تكون لديه رؤية واضحة فى التعامل مع قضايا الاستثمار وغيرها من النشاطات الحكومية التى تتعامل فيها الحكومة بشكل مباشر مع فئات مختلفة من المجتمع، ولا أبالغ إذا قلت إن الحكومة تحتاج وسائل تواصل جديدة مع المجتمع، لأن الحكومة بأجهزتها المختلفة هى أكثر مناطق التلاقى بين الدولة والمجتمع، وإذا لم تستطع الحكومة أن تحسن علاقاتها بمواطنيها انعكس ذلك فى المجمل على شعبية نظام الحكومة ومستقبله.