رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وجه وظهر

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

وكأن الدنيا قد لونت بألوان من موسيقى الابتهاج حين نطقت بصوتها القوى الخائف.. "أغدا ألقاك ؟ ياخوف فؤادى من غد".. تلك التى اعتدت أن أسمعها أيام حيرتى وعناء تفكيرى.. سيدة الموسيقى العذبة: أم كلثوم.. كنت وقتها أفكر في حياتى وهل ظهر لها وجه، وهل أستطيع تمييزه عن ظهرها؟؟، أم أنها لا زالت مبهمة كعادتها حياة مل فيها تفكيرى لفراغه مما يشبعه.. حياة طال فيها الانتظار لوقت أصبح الشك فى أن يأتى قد طغا على الأمل القائم في تحقيق الأحلام فيه.. وقتها تذكرت مقولة قالها أبى -لا أدرى من صاحبها-: هذه الدنيا ياولدى، كلما حلت أوحلت، عندها ابتسمت وقلت لنفسى وتخيلت أبى أمامى: "وماذا لو أوحلت يا أبى؟؟ وعندها ضحكت عاليا ورددت على نفسى وقلت: ستوحل أكثر.. فتلك هى الدنيا: حياة بلا نعيم.. فقط عناء تفكير وعناء الخوف وعناء السعى وراء الرزق وعناء الحفاظ على العناء.. عناء فى عناء فى عناء: نظرت إلى السماء.. فهى مكان رزق البشر.. وقلت لها غير منتظر الإجابة هل رأيت فيمن سبقونا تحت ظلالك أحدهم رضى بظهر دنياك كرضاه بوجهها؟؟ هل رأيت فيمن نالوا منك أو لم ينالوا أحدهم تمنى أن يعيش فقط فى سلام داخلى..لا يعنيه عناء الدنيا ولا يعنيه عناء العوام؟؟ هل رأيت فيمن خلدوا فيك أسماءهم أو لم يخلدوا أحدهم تسامح مع نفسه إلى أعلى الدرجات، كأم تسامحت مع ولدها حتى عند عصيانه لها ؟؟ هل رأيت فيمن فعل تحت ظلالك الخير أو استدعى الشر أحدهم تمنى الموت من أجل عهد قديم لم يستطع أن يوفيه وظل يشعر بانكسار داخل كل خلية من خلاياه؟ وانتظرت ردها مع عدم أملى فيه ولكن.. علمت أن هناك الكثير تمنوا ما ذكرت.. وكثير لم يفكروا ولو لثوانى فى أحد تلك الأشياء.. نظرت ثانية إلى مكان قدمى.. واستمرت الموسيقى العذبة لسيدة العذوبة وهى تقول بصوتها الحنون الخائف هذه الدنيا ليالى أنت فيها العمر.. هذه الدنيا عيون أنت فيها البصر.. فوضعت القلم واستمرت الأغنية.