رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيادة الرئيس.. الفساد منبع الإرهاب


هو إحنا فى علم ولا فى حلم؟!.. كلمات بسيطة خرجت من فم صديقى الذى تابع بشغف القبض على المتورطين فى قضية وزارة الزراعة مؤخراً.. صديقى لم يكن يتوقع يوماً أن تنشر وسائل الإعلام أى معلومات عن المتهمين خصوصاً أن وسائل التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«تويتر» ذكرت أسماء تسعة وزراء لهم صلة بالواقعة!!.. بعد يومين بالتمام والكمال على هذه الأحداث التى هزت عرش الطغاة وأصبحت حديث الساعة فى الخارج والداخل.. هاتفنى الصديق نفسه طالباً منى قراءة تقارير صحفية مهمة فى إحدى وسائلنا الإعلامية.. بعدما اطلعت على المعلومات المنشورة وعرفت حجم الفساد المستشرى فى مصر، تأكدت أننا فى معركة بقاء حقيقية ضد الفساد أكبر من حربنا ضد الإرهاب.

من ضمن ما قرأت عن رجل حصل من الدولة على مساحة ٢٠ كيلو متراً فى خليج السويس بخمسة جنيهات للمتر، وبعد فترة انتزع عقداً من محافظ السويس يعطيه الحق فى تقسيم وبيع هذه المساحة رغم أنه لم يسدد سوى ١٠٪ فقط من ثمن الأرض!!.. الرجل نفسه حصل أيضاً وبالطرق نفسها على ٥٠٠ فدان فى محافظة مرسى مطروح.. وثمانية ملايين متر فى شرم الشيخ بسعر دولار واحد للمتر من هيئة التنمية السياحية.. و١٥٠٠ متر فى مرسى علم.. وسبعة ملايين متر حصل عليها بحق الانتفاع.. و٦٠٠ فدان فى زمام محافظة ٦ أكتوبر.. و١٧ ألفاً فى شرق العوينات.. هذا غير امتلاكه عشرات القطع غير المعروفة فى المدن الجديدة!! وقيل إن المشير محمد حسين طنطاوى - وزير الدفاع آنذاك- عنف هذا الحوت قائلاً: «كفاية سرقة فى أرض مصر».. بالطبع كان لابد أن يغضب الحوت ويلجأ لمبارك شاكياً.. فما كان من المخلوع إلا أن ترك الأمر على ما هو عليه ولسان حاله يقول: «افعلوا ما شئتم فى الشعب واستولوا على ثرواته طالما أنكم رجالى»!!

رجل ثان كان صديقاً للمخلوع شخصياً ورفيق دربه فى سلاح الطيران.. استطاع بقدرة قادر بعد تقاعده من الخدمة، وفى بداية تولى صديقه للسلطة أن ينشيء مجموعة شركات برعاية وتوصية المخلوع سرعان ما احتكرت استيراد الذرة الأمريكى وتسبب فى زيادة أسعارها وإصابة الثروة الداجنة بالكساد.. ولم يتوقف هذا الأخطبوط.. بل إنه احتكر استيراد القمح المميز وتخزينه ضارباً عرض الحائط بالقوانين وحقوق الشعب.. المخلوع ساعده أيضاً على عمل توكيل ملاحى - خدمى للسفن العملاقة والتخليص الجمركى.. وهذا الإجراء أدى بالطبع إلى غلق أبواب الشركات المنافسة!!.. ولم يكتف هذا الملياردير بما حققه بل سمح لابنه باغتصاب «٢٥٠٠» فدان من أراضى الدولة بالمخالفة للقانون فى وادى الطرون وهى القضية التى أطاحت بوزير الزراعة وربما كانت السبب الرئيسى لإنهاء خدمات وزارة المهندس إبراهيم محلب!!

رجل ثالث بدأ حياته موظفاً عادياً فى إحدى الدول العربية.. وفى لمح البصر أصبح مليارديراً يمتلك جرائد وفضائيات.. طبعاً بعدما تعرف على مسئول كبير فى وزارة الإسكان أيام الوزير محمد إبراهيم سليمان.. وقيل عنه إنه يمتلك طائرة خاصة الآن يصاحب بها الرئيس فى معظم رحلاته الخارجية!!.. وليته - والرئيس يتمنى ذلك- يتبرع بتكلفة هذه الرحلات لصندوق «تحيا مصر».

وشاب رابع ظهر خلال الأيام القليلة الماضية فجأة فى عالم «البزنسة».. لم نسمع عنه قبل ذلك أى شيء إلا عندما تزوج من فنانة لبنانية وأنفق على زواجه الملايين.. فأصبح حديث الأوساط السياسية والفنية والاقتصادية.. قيل إن بدايته كانت متواضعة جداً فى عالم المال.. فجأة صعد إلى سلم المال والشهرة بسرعة الصاروخ بعدما تعرف على رجال أعمال خليجيين وتقرب من قيادات الإخوان وإبرامه عقوداً مع الحكومة لشراء حديد من شركته لفترة عشر سنوات تقريبا!!

نضف إلى القائمة السابقة نموذجاً ليس بالأخير طبعاً.. أطلق عليه رجل الأعمال الذى لا «يقهر» فى مصر.. ولما لا وهو أحد رجال المخلوع الذى ضرب بكل قوانين البناء عرض الحائط وتربح عن طريق مسئول وزارة الإسكان «إياه» ملايين الجنيهات.. فى بورتو مارينا وبورتو السخنة وشارع التسعين وأكتوبر و.. قيل أيضاً عن هذا الرجل إنه لا أحد كان يعرف عنه أى شيء قبل أن يعمل فى العقارات وينشئ المنتجعات السياحية والمدن الجديدة والمشاريع العملاقة.. هذه النماذج وغيرها الكثير اشتروا أرض الشعب بملاليم من معدومى الضمير فى الجهات الحكومية وباعوها بالمليارات.. ادعوا - كذباً وافتراء- أنهم اشتروها للزراعة لكنهم سقعوها وحولوها إلى منتجعات ومدن سياحية.. أرض العياط التى استولت عليها الشركة المصرية - الكويتية والتى تبلغ حوالى ٢٦ ألف فدان خير دليل على ذلك!!

كل هذا الفساد «كوم».. ومشروعات محطات المياه والصرف الصحى «كوم» تانى. المسئولون عن هذه القضية أهدروا ٨٠ مليار جنيه على الدولة فى خطوط ومحطات لم تعمل حتى الآن رغم مرور ٨ سنوات على موعد تسلمها!!. فمثلاً: خط مياه القاهرة الجديدة بدأ فى ٢٠٠٧ إلا أنه لا يعمل حتى الآن.. أهدر مسئولو الإسكان والمكاتب الاستثمارية وشركات المقاولات ورجال الأعمال «إياهم» حوالى ٥ مليارات جنيه على الدولة!!.. ورغم أن القوات المسلحة كشفت هذا الفساد فى تقرير يؤكد أن «ما جرى جريمة بحق المال العام» وقد تسلم الملف النائب العام بتوجيه من الرئيس.. إلا أن وزير الإسكان فى حكومة محلب «د. مصطفى مدبولى» قال إن «الاستمرار فى هذه القضية سيخيف المستثمرين ويأتى بعواقب وخيمة»!!

سيادة الرئيس .. الشعب يأمل فيك كل الخير منذ أن كنت تخاطبه برسائل يفهمها أيام إخوان إبليس.. وثق بك واختارك له رئيساً دون غيرك.. فكنت بحق نعم الرئيس.. جولاتكم الخارجية وجهودكم الداخلية طمأنت الجميع أنك كنت ومازلت الرجل الأنسب لهذه المرحلة.. سيادة الرئيس.. إن النماذج السابقة وغيرها ممن اغتصبوا أموال الشعب دون وجه حق لا يجب أن يفلتوا بجرائمهم من المحاسبة.. الشعب الآن يطالبك باسترجاع حقوقه السليبة من اللصوص.. نعلم أن المسئولية صعبة وكبيرة.. لكنك بفضل الله ومساندة شعبك لقادر على حملها.. على يدك رزقنا بقناة سويس جديدة وحقلان غاز عظيمان .. وعلى يدك سنقضى على الفساد مثلما قطعنا دابر الإرهاب.. فسر على بركة الله وكلنا خلفك ندعو لك من قلوبنا ونحميك بدمائنا وأرواحنا.