رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل أضحت «الوحدة العربية» بمتحف التاريخ؟!


بعد تأجيل فكرة إنشاء «الجيش العربى الموحد» مرة أخرى نشير إلى ثمة خطر يهدد العالم العربى نتيجة مؤامرة دولية وإقليمية تستهدف الإطاحة بالأنظمة العربية وتوطين الصراعات السياسية والعرقية داخل الدولة العربية الواحدة من أجل تقسيمها إلى دويلات وكانتونات لا قيمة لها.

وفى تقديرى أن الفرصة مواتية لصحوة عربية ربما يوحد أمة العرب هذا الخطر ونذكر على سبيل المثال لا الحصر أن السوابق التاريخية تؤكد أن الخطر يوحد الناطقين بالضاد، ففى عام 1967 تعرضت مصر وسوريا لعدوان إسرائيلى غاشم وكانت العلاقات العربية العربية آنذاك ليست فى أحسن حالتها، ولكن بمجرد وقوع العدوان ذابت كل الخلافات والاختلافات وتوحدت الأمة لإزالة آثار العدوان وتكرر الموقف فى عام 1973 عندما وقفت جميع الدول العربية إلى جانب مصر وسوريا حتى تحقق النصر المبين فى السادس من أكتوبر.

ومن هنا يمكن القول إن ما نتعرض له اليوم عدوان ولكن من نوع آخر ويعد الموقف الحالى أخطر بكثير من الحروب التقليدية السابقة على الأمة العربية ونجد أن مصر ليست وحدها فى خط المواجهة، إنما الإرهاب الذى يعتبر الشكل الجديد للعدوان على الآمنين لا يعترف بالحدود الزمانية والمكانية، فالكل أمامه سواء وهذا يجعلنا نفسر أوضاعاً فى دول عربية سواء فى الشرق أو فى الغرب العربيين أو الشمال أو الجنوب العربيين. بعبارة أخرى أضحت خريطة العالم العربى قابلة للتغيير مع استمرار العمليات الإرهابية ومحاولات التقسيم والتجزئة وتفجير الأوضاع العربية من الداخل.

مما تقدم تبرز أهمية تكوين جيش عربى تشارك فيه كل الدول العربية المهددة بالخطر سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، وإنشاء صندوق عربى لتمويل عمليات مكافحة الإرهاب على الأرض العربية من المحيط إلى الخليج، الأمر الذى يتطلب عقد قمة عربية طارئة لبحث الإجراءات الكفيلة لإعلان الحرب على الإرهاب والإرهابيين.

وعليه تصبح هذه خطوة عملية تحقق الاتفاق العربى المطلوب لمواجهة الخطر المحدق بالشعوب العربية جميعها، أما من يطلب من مصر أن تقاتل وحدها ويغلب عليهم الظن بأنهم بمنأى عن هذا الخطر هم فى الحقيقة واهمون ولكن مصر الشقيقة العربية الكبرى ستظل فى موقع المسئولية ولن تتراجع عن دورها القيادى فى مواجهة المؤامرة الكبرى!!

مما تقدم يمكننا القول إن الخروج من الأزمة التى يتعرض لها العالم العربى الناجمة عن انتشار الإرهاب لن يتم إلا بتوحيد كلمة العرب سواء شئنا أم أبينا، ومن هنا يصبح من الأمور الحتمية التفكير فى إنشاء جيش عربى موحد من منطلق اتفاقية الدفاع المشترك التى نساها الكثيرون رغم تفهمنا للضغوط الإقليمية والدولية التى يتعرض لها بعض الدول العربية من أجل التخلى عن فكرة الجيش العربى الموحد لأنه قد يحيى أفكاراً قومية كانت واقعاً فى الزمن البعيد نسبياً، ففكرة القومية العربية كانت فى الماضى تؤرق أعداء العرب لأنها الحافز على التوحد وتجمع العرب شعوباً وحكاماً على كلمة سواء، لذلك حرص أعداء الأمة على غرس الأفكار الانعزالية فى العقل العربى وتحول الاستثناء إلى قاعدة وتجمدت عوامل التوحد العربى من لغة ودين وحضارة ومستقبل ومصير واحد بل تآمر البعض لجعلها عوامل فرقة، ألم يستخدموا الدين لزرع الطائفية، ألم يحاولوا إحياء اللغات القبلية لضرب اللغة العربية.. كل ذلك وفق مخطط «سايكس بيكو» جديد يذهب بالوحدة العربية إلى متحف التاريخ!!