رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رؤية مصر للعالم..و زيارة الرئيس السيسى لآسيا


بدأ العالم ينظر لمصر نظرة مختلفة عما مضى، فالدولة المصرية اليوم أكثر شباباً وحكمة تجاه حالة التحول الدولى الذى بدأ بصعود روسيا والصين ودول شرق وجنوب آسيا ناهيك عن صعود البرازيل التى تلعب دوراً محورياً فى خريطة السياسة وقبلها الاقتصاد الدولى. المتابع لزيارة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال العام الماضى يعى جيداً أن رؤية مصر كانت نافذة فى طبيعة التحولات الدولية، ففى الوقت الذى تعيش فيه منطقتنا العربية حالة اضطراب حقيقى بفعل موجة الإرهاب التى يتم إدارتها بفعل فاعل، اتجهت مصر إلى تنويع علاقاتها الدولية مما أعطاها مرونة فى إدارة ملفاتها العاجلة بالإضافة إلى نجاحها فى تخفيف الضغط التآمرى لبعض الدول الإقليمية التى كانت تسعى طوال الوقت لضرب استقرار مصر بمساعدة الإرهاب. هنا ظهرت طبيعة العلاقات المصرية ـ الروسية ـ الفرنسية والإيطالية والتى امتدت للتعاون فى حوض البحر المتوسط بهدف صناعة توازن قوى جديد، وكذلك محاولة مصر تقريب وجهات النظر بشأن حسم الحالة فى سوريا، والأمر نفسه ظهر بوضوح فى تحركات السيد الرئيس إلى العواصم الأوروبية المختلفة، وفى التوقيت نفسه اختارت مصر أن تتجه بحساباتها الاقتصادية إلى آسيا وتحديداً إلى الصين للتعامل بمنظور جديد وفلسفة جديدة مع آسيا التى كانت طوال الوقت قريبة إلى العقل المصرى كنموذج قريب منا اجتماعياً وحتى أنه يشبهنا فى مشاكلنا. ترتكز زيارة السيد الرئيس إلى آسيا على توثيق العلاقات مع القطب الصينى ومع دائرة واسعة من الدول التى تعتبر شركاء اقتصاديين فاعلين فى سياسية الصين الاقتصادية التى تتجه مستقبلاً لإحياء طريق الحرير البرى والبحري، وقد أعلن الرئيس شخصياً فى أكثر من مناسبة أن مصر تعتبر قناة السويس جزءاً من طريق الحرير، وقد كانت هذه التصريحات إشارة تلقتها بكين فتعاملت بشكل فعلى مع اتجاه مصر للتعاون فى إطار الخريطة الاقتصادية الجديدة للعالم. إن الرئيس السيسى يدرك التحولات الدولية بشكل عميق، ويدرك جيداً أن التحول الدولى وحجم النمو التجارى الدولى وكذلك التطور اللوجيستى حول العالم ربما قد يفقد مصر أهمية موقعها الجغرافى، لذلك كانت السياسة المصرية أكثر وضوحاً فى الانتهاء من مشروع قناة السويس وكذلك ربط هذا المشروع بمستقبل الاقتصاد العالمى. إن مصر ترى العالم بوضوح، فالدولة المصرية تدرك بوضوح مستقبل العالم، وحجم التحولات الطارئة عليه والمتجه إليه، وهى بذلك تتحرك وفق رؤية غير مشوشة تستهدف محاولة خلق دور جديد لمصر فى عالم لم يعد يعترف فقط بالأدوار التقليدية، إن مقولة الرئيس السيسى بأنه لا وقت أمامنا يستهدف شد انتباه النخبة المصرية والمجتمع بصفة عامة إلى أننا نعيش فى عالم تنافسى بطبعه، وأن المنافسة تحتاج إلى السرعة والإنجاز والبناء حتى تقف مصر على الساحة الدولية على قدمين ثابتتين.