رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مشاريع مهمة.. فى حاجة للهمة


حتى لاننسى فى غمرة فرحتنا بإنجاز حفر القناة الجديدة، وهى الخطوة الأولى من ألف خطوة للنهضة الحقيقية، نود أن يستمر هذا الحماس والتحلى بهذه الإرادة لإنجاز مشاريع أخرى لا تقل أهمية عن هذا الإنجاز الرائع، هذه المشاريع طمرتها الأتربة والإهمال والمواقف السياسة الخاطئة، وإذا تم تنفيذها ستجلب الكثير من المنافع وتعوضنا حصة كبيرة من مياه النيل، التى نحن فى حاجة ماسة إليها لكى نزيد رقعة الأراضى الزراعية، ونحقق احتياجات السكان، خاصة أن مصر من أكثر البلاد الأفريقية سكاناً.

علاوة على ذلك ما تواجهه من مشاكل بشأن الحفاظ على حصتها فى مياه النيل طبقاً للاتفاقيات الدولية، ومشكلة مصر القادمة هى توفير مصادر المياه. قبل أن نعانى الفقر المائى نتيجة الزيادة السكانية واستصلاح الأراضى للزراعة، ومن المعروف أن مصر تعتمد اعتماداً كاملاً على مياه النيل، فأهمية مياة النيل لمصر تختلف بالنسبة لبقية دول حوض النيل الأخرى، حيث إن هذه الدول لديها وفرة من الأمطار، فاتمام مشروع حفر قناة جونجلى قد يحقق ذلك، وتقوم فكرته على شق القناة بين مدينتى بور وملكال فى الجنوب السودانى بطول 360 كيلو متراً، وسوف توفر المياه التى تضيع فى منطقة السدود ومستنقعات بحر الجبل والتى تتبخر سنوياً بنسبة كبيرة دون الاستفادة منها، ويمكن تجفيف مليون ونصف مليون فدان من أراضى هذه المستنقعات وإعدادها للزراعة، وقد تم تنفيذ الجزء الأكبر من حفر هذه القناة بطول 260 كيلومتراً وباقى حوالى 100 ك.م.

وكان هناك اتفاق بين البلدين لتنفيذ المشروع عقب حرب أكتوبر 1973، ولكن توقف الحفر عام 1983 بعد نشوب الحرب بين شمال وجنوب السودان، ولم يتقدم العمل بعد توقف هذه الحرب عام 2005، وإذا قدر استكمال هذا المشروع، فسوف تزيد إيرادات مياه نهر النيل لتصل حوالى 55 مليون متر مكعب تستفيد به كل من مصر والسودان، ويثار الجدل حول ما سوف يترتب عليه من آثار بيئية، ويمكن تجنب هذه الآثار إذا تبنت كل من البلدين الأساليب العلمية للحد من هذه الآثار، واستخدام التكنولوجيا عالية المستوى، وحل المشاكل التى تواجه دولة جنوب السودان، ومعاونتهم على استباب الأمن، والتعامل بحكمة مع مشاكل قبائل الدينكا.

كما تحتاج مصر إلى استخدام الأساليب الدبلوماسية الذكية،معتمدة على الوشائج المتعددة بين البلدين من طبيعية وأعراف ولغة ودين ومصلحة ومصير مشترك والعديد من المحددات الثقافية ذات الأبعاد التاريخية العميقة، وهناك جانب يجب أن نركز عليه وهو التعاون فى مجال التعليم خاصة التعليم العالى، ولا ينكر دور مصر الفعال فى التعليم العالى وما قامت به جامعة القاهرة فرع الخرطوم، وأخيراً فالثوابت الجغرافية تحتم هذا التعاون بين البلدين، فتنفرد الدولتان بالشمال الشرقى للقارة الأفريقية علاوة على تشابه التضاريس،والرابط المائى الذى يسير فيه النيل.

عضو اتحاد المؤرخين العرب