رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زيارة السيسى لبكين تعزز الشراكة الاستراتيجية بين مصر والصين

السيسى
السيسى

تشكل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى القادمة الى بكين -التى تأتى ضمن جولة أسيوية تشمل أيضا سنغافورة وإندونيسيا- فرصة مواتية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر وثانى أكبر اقتصاد فى العالم على أسس المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل لسيادة البلدين.

وتسعى الصين من وراء تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع مصر إلى الاستفادة من الفرص الاقتصادية والاستثمارية المتاحة عقب ثورة 30 يونيو.. حيث ستشهد المرحلة المقبلة فى مصر تدشين العديد من المشروعات التنموية التى يمكن أن تساهم فيها الصين ومن بينها مشروع محور قناة السويس ومشروع استصلاح 5ر1 مليون فدان الذي سيضم إلى جانب النشاط الزراعي إنشاء مجتمعات تنموية تشمل مصانع المواد الغذائية والتعبئة والتغليف.

وحرصت الحكومة الصينية على التاكيد أن الصين حكومة وشعبا تتطلع لإتمام زيارة الرئيس السيسى إلى بكين لمواصلة التشاور ودفع وتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، والبناء على نتائج الزيارة الناجحة التي أجراها الرئيس السيسي للصين في ديسمبر 2014، والتي شهدت إعلان إقامة شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين.

وعكست الزيارات المتبادلة بين الجانبين والتى شملت إيفاد أربعة مبعوثين رئاسيين صينيين إلى مصر في تقليد نادر في علاقات الصين مع أية دولة أخرى حرص الجانبين على تدعيم التعاون المشترك فى كافة المجالات.

وأكدت الصين مؤخرا أيضا على دعمها لجهود الحكومة المصرية الرامية إلى تعزيز التنمية الشاملة ومكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار.

وفى المقابل، شدد الرئيس السيسى مؤخرا على أن قناة السويس الجديدة –التى افتتحت رسميا فى السادس من أغسطس الجاري– ستساهم فى مبادرة الرئيس الصينى شى جين بينج الرامية إلى إحياء طريق الحرير القديم، مؤكدا حرص مصر على استثمار رصيد العلاقات المتميزة بين البلدين على مدى سنوات طويلة وزيادة التعاون المشترك فى كافة المجالات.

وتشير الإحصائيات إلى أن إجمالي حجم التبادل التجاري بين مصر والصين بلغ 16ر11 مليار دولار في عام 2014 وذلك بزيادة بنسبة 8ر13% مقارنة بعام 2013.

وتسعى الصين إلى الاستفادة من المزايا التفضيلية التى تتمتع بها مصر ومن بينها السوق الضخمة التى تضم حوالى 90 مليون مستهلك، فضلاً عن أنها تعد بوابة لأكثر من مليار مستهلك يقطنون في الدول التي تتمتع فيها السلع المنتجة في مصر بمعاملة تفضيلية مثل دول الاتحاد الأوروبي والكوميسا والدول العربية والولايات المتحدة.

وفى السياق ذاته، تسعى الصين أيضا من وراء تعزيز تعاونها الاقتصادى والتجارى مع مصر إلى تدعيم تواجدها التجارى بالقارة الأفريقية عن طريق الاستفادة من منطقة التجارة الحرة التى أقرها زعماء الدول الأعضاء بالتكتلات الأفريقية الثلاث (الكوميسا/ سادك/ تكتل شرق أفريقيا) خلال قمتهم بشرم الشيخ فى العاشر من يونيو الماضى والتى تعد الأكبر على مستوى القارة الأفريقية؛ حيث تضم 26 دولة من بينها مصر ويمثل الناتج المحلى الإجمالى لها حوالى 60 فى المائة من إجمالى الناتج المحلى للقارة الأفريقية "حوالى 2ر1 تريليون دولار" وتضم أكثر من 56 فى المائة من سكان القارة.

وتتركز مجالات التعاون بين مصر والصين فى الكهرباء، والبترول، والغاز الطبيعى، والسكك الحديدية، والطرق السريعة، والموانئ، والصناعات المعدنية، ومواد البناء والتشييد، والصناعات الكيمياوية، ومستلزمات الإضاءة، والمنسوجات، والأجهزة المنزلية.

وتسعى الصين إلى تعظيم الاستفادة من طريق الحرير فى مضاعفة تجارتها مع الدول العربية ومن بينها مصر من 240 مليار دولار العام الماضى إلى 600 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.

وتستهدف الصين رفع رصيدها من الاستثمار غير المالى فى الدول العربية من 10 مليارات دولار إلى أكثر من 60 مليار دولار، خلال السنوات العشر المقبلة، بالإضافة إلى الوصول بحجم تجارتها مع أفريقيا إلى 400 مليار دولار بحلول 2020.

وكان الرئيس الصينى قد أطلق مبادرة "إحياء طريق الحرير" خلال جولته بدول أسيا الوسطى ودول جنوب شرقى أسيا فى سبتمبر وأكتوبر 2013 على التوالى، تحت عنوان "التشارك فى بناء الحزام الاقتصادى لطريق الحرير"، و"طريق الحرير البحرى للقرن الحادى والعشرين.

وأوضحت دراسة حديثة أصدرتها جمعية رجال الأعمال المصريين، أن مصر ستجنى العديد من المكاسب الاقتصادية والاستراتيجية حال انضمامها رسميا إلى الاتحاد التجارى للحزام الاقتصادى لطريق الحرير الذى يضم حاليا 50 دولة، مشيرة إلى أن طريق الحرير ساهم بفاعلية فى تعظيم التبادل التجارى حيث بلغ إجمالى حجم التجارة الصينية خلال 2013، ما يقرب من 257 مليار دولار مع دول الشرق الأوسط، ونحو 192 مليار دولار مع الدول الأفريقية وفقاً لأحدث بيانات صندوق النقد الدولى.

وأشارت الدراسة إلى أن انضمام مصر إلى طريق الحرير البحرى، من شأنه تنشيط التجارة الداخلية والخارجية مع دول أعضاء الاتحاد "طريق الحرير البحرى" خصوصًا فى ظل ظهور الإشارة مجددًا إلى فكرة أن "مصر مركز وركيزة لطريق الحرير الجديد"، ما جعل الرئيس الصينى يطرح مبادرة لإحيائه من خلال مصر وعضوية 50 دولة يمر فيها الطريق.

ومن الفوائد الاستراتيجية والسياسية لمصر -حسب الدراسة- إقامة شراكة استراتيجية بين مصر وثانى أكبر اقتصاد فى العالم ستمهد الطريق لكثير من المشروعات لتضع مصر أقدامها كدولة محورية فاعلة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وفى السياق ذاته دعا خبراء اقتصاديون إلى الإسراع فى إقامة مشروعات لوجيستية ومناطق لخدمات السفن والصناعات المتعلقة بالنقل البحرى على طول محور قناة السويس لتعظيم الاستفادة من طريق الحرير الصينى وقناة السويس الجديدة فى تنشيط حركة التجارة مع دول العالم.

ومن ناحية أخرى، تحولت مبادرة إنشاء طريق الحرير البرى والبحرى الحديث الى سياسة صينية رسمية أقرها الحزب الشيوعى والمؤتمر الشعبى الوطنى، حيث أكد الرئيس الصينى ان الهدف من المبادرة يتمثل فى إحياء علاقات الصداقة القديمة فى العالم المعاصر الذى تحكمة العولمة.

وحرصت الصين على الدخول فى شراكات دولية وتبنى آليات لتعزيز مبادرة طريق الحرير من بينها منظمة شنغهاى للتعاون، وشبكة سكك حديدية تمتد من تشونج تشينج الصينية الى ألمانيا وممرات الطاقة الجديدة والقديمة بين الصين ودول أسيا الوسطى علاوة على انشاء بنك التنمية الجديد مع دول البريكس التى تشمل الى جانب الصين كلا من البرازيل والهند وجنوب أفريقيا وروسيا والبنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية.

وفى السياق ذاته، أعلنت وزارة التجارة الصينية أن إجمالى حجم الاستثمارات الصينية فى 64 دولة ومنطقة تقع على طول طريق الحرير والحزام الاقتصادى بلغ حوالى 161 مليار دولار حتى نهاية مايو الماضي، وهو ما يمثل 20٪ من إجمالى الاستثمار الخارجى المباشر للصين.

وتؤكد المؤشرات الحالية أن الزيارة القادمة للرئيس عبد الفتاح السيسى إلى بكين سوف تعزز المشاركة الاستراتيجية بين مصر والصين.