رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ويل لنا.. إذا ضاعت أخلاقنا


إبان الحرب العالمية الثانية، وهزيمة ألمانيا فى آتونها، كان الناس يقفون فى طابور طويل للحصول على الفتات من الطعام والشراب، وحاول أحد الأشخاص الخروج عن الطابور مستغلا بنيانه القوى، فنهرته سيدة تقف بجواره، وقالت له: «لقد خسرنا الحرب، ولكننا لم نخسر بعد أخلاقنا»، هذه القصة توضح لنا كيف استعادت ألمانيا قوتها بعد انهيار كامل فى هذه الحرب، إنها الأخلاق أعزائى القراء التى نادت بها الأديان السماوية، وعرفها ودرسها الفلاسفة والعلماء، نعم، فالأخلاق كانت وستظل رمزاً للشّعوب المتحضرة، وعنوانا للحضارات الراقية، كما أنها أهم دعائم الصحة للجسم الاجتماعى، وهى أيضاً قيم ثابتة فى روحها، ومثل عليا فى أهدافها وغاياتها، وغير صحيح ما يُشاع أن الأخلاق لم تعد تصلح لهذه الأيام، فبدونها تُشاع الفوضى وتدخل المجتمعات فى خصومة مع نفسها.

أسترجع الآن ما قرأته عن سيرة الأجداد الذين أرسوا قواعد الأخلاق منذ عام ١٩٣٤فى مناهج الصف الثالث الثانوى، ومنها على سبيل المثال كتاب بعنوان «الأخلاق»، لذا تساءلت: لماذا احتفظ الأجداد بأخلاقهم فى حين تغيرت الظروف فى الوقت الحالى؟؟، فمنذ بداية يومك وحتى منتهاه تجد نفسك مجبراً على مشاهدة وسماع ما تكره من ألفاظ بذيئة يندى لها الجبين، لذا أقولها صراحة، إن هذه السلوكيات لا تمت لأخلاقنا بصلة لا من بعيد أو قريب، انظروا مثلا كيف نتعامل مع بعضنا البعض فى الشارع؟، كيف نقود السيارات؟، كيف نعبر الشارع؟، كيف نتحدث إلى الكبير والصغير؟، كيف نتعامل مع أبنائنا؟، وكيف نتعامل مع آبائنا، ولاننس كذلك ما تقدمه دور العرض من أفلام أكثرها هابط، أثرت بشكل أو بآخر على الذوق العام، كما ضربت عاداتنا وتقاليدنا فى مقتل، أيضا ما نشاهده من أعمال مسرحية على خشبة المسرح، ما تقدمه الشاشة الصغيرة من مسلسلات، فضلا عن كيفية إدارة الإعلاميين للبرامج على شاشات التليفزيون، وكيف تدار الحوارات فى العلن وفى الحجرات المغلقة؟، كل هذه الجوانب اثرت تاثيراً سلبياً على المجتمع.

أما ما نتابعه عزيزى القارئ على مواقع التواصل الاجتماعى، فحدث ولا حرج، انتهاك للحقوق، اقتحام لخصوصية الأفراد، تبادل السباب والشتائم بين الأطراف دون سابق معرفة لمجرد نشر رأى مخالف، والسؤال المطروح هنا هو: من يقود معركة غياب الأخلاق فى مصر؟، إن الأمن الأخلاقى المصرى يا سادة لا يقل أهمية عن الأمن الاقتصادى والصحى وغيره، لذا لابد من تدريس مادة الأخلاق فى مختلف المراحل التعليمية، وبشكل مكثف تماشيا مع تعاليم ديننا السمح حسب الفطرة التى خلقنا الله عليها، وأخيراً أعلم أننى ربما أكون قاسية أو متشائمة فى هذا الطرح، ولكننى أردت أن أدق ناقوس الخطر، وأتذكر قول أمير الشعراء أحمد شوقى «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا».. اللهم احفظ مصر.

مذيعة