رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خالد محيى الدين.. ودروس تعلمناها


ثلاثة وتسعون عاماً مرت على ميلاد المناضل واليسارى وعضو مجلس قيادة الثورة عام 1952 الأستاذ والمعلم والمربى «خالد محيى الدين» مؤسس ورئيس حزب التجمع لسنوات طوال والأب الروحى للكثيرين ممن تربوا على يديه ونهلوا من وطنيته، خالد محيى الدين نصير الديمقراطية والطبقات الكادحة اختلف مع رفيق الدرب والعهد جمال عبد الناصر إلا أنه أبداً لم يخن ولم يبع القضية بل كان عند عهده ووعده وإخلاصه فى حب مصر .. هو من حلم ومعه كتيبة من الشرفاء أن تكون مصر واحة للرخاء والاستقرار والأمان وأن يسودها العدل وأن ترفرف الديمقراطية على كل أجهزتها.. خالد محيى الدين لو أراد المال لسيق إليه.. وبرغم غصة الخلاف إلا أنه أبداً لم يرتم فى أحضان أعداء الثورة فى الداخل والخارج وما أكثرهم .. هو من آثر الانزواء والابتعاد عن الأضواء طيلة خلافه مع عبد الناصر .. وقد ذكر الصديق الأستاذ محمود حامد أنه يتذكر لخالد الذكر إبان الخلاف الذى بلغ ذروته مع الرئيس الراحل أنور السادات عرض عليه الزعيم الراحل معمر القذافى أن يلتقيه فى مكان ما إلا أنه رفض.. وما أشبه الليلة بالبارحة رجل يحب وطنه ويرفض تحقيق أى مكاسب وإن كانت السبل ميسرة وبين فئة ضالة ترتمى فى أحضان أمريكا وتركيا وقطر وغيرها ممن أرادوا لمصر الانزواء والتلاشى والخروج من كل المعادلات.. وهذا درس أغفلة الكثيرون ممن يسمونهم بالنخب ولم تتعرض له كتب الدراسة فى وزارة التربية والتعليم .. والتى حرصت على تحجيم الأشباه وأغفلت أدواراً وطنية قدمها خالد محيى الدين الذى كان حلقة الوصل فى تزويد مصر بالسلاح المطلوب قبيل حرب أكتوبر 1973 .. خالد محيى الدين هو الجندى المجهول قدم ولم ينتظر ضحى ولم يتكسب من مشواره الطويل والممتد فى عالم السياسة لم يتباه ولم يتفاخر. بل كان دوماً كالراهب فى المحراب، أمثال خالد محيى الدين هم من وضعوا اللبنات الأولى لثورة الشعب فى 25 يناير فهو من استنهض الجميع لمحاربة الفساد والترسيخ للحريات والوقوف إلى جانب المقهورين والغلابة من خلال الاشتراكية التى آمن بها والتى لا تتعارض أبداً مع موقف الإسلام السمح الداعى إلى نصرة المظلوم وإعانة الفقير والمحتاج.. خالد محيى الدين هو من كان صاحب مدرسة متفردة فى التنوير، وكفاه أنه من خلال حزبه «التجمع» وجريدة «الأهالى» ومعه كتيبة من الشرفاء هم دون غيرهم من حذروا من عواقب وخيمة لانتشار الفكر التكفيرى والفتاوى الظلامية، فأنا واحد ممن أتيحت له فرصة الكتابة فى جريدة «الأهالى» وكنت ضمن كتيبة كبيرة نقاوم ونفند الفتاوى الظلامية وكان الكثيرون يسخرون منا وكان هدفنا وقبلتنا أن الإسلام دين عالمى يدعو إلى الارتقاء بالإنسان ويحافظ على ماله وعرضه وأن الإيمان علاقة بين العبد وربه، وأنه لا مكان لصكوك الغفران، وأن الله لا يحتاج إلى واسطة، وأنه أقرب إلى أحدنا من حبل الوريد.. كان ذلك منذ أكثر من ربع قرن أو يزيد.. دعواتى للمناضل والشريف خالد محيى الدين بعمر مديد .. قولوا معى جميعاً آمين؟

كاتب وباحث إسلامى