رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدور الوطنى المنتظر للمحامين العرب


الولايات المتحدة الأمريكية اسم أصبح يثير فى نفوسنا كل مشاعر البغض والكراهية، بل وكل مشاعر الحنق والعداء، فهى الدولة التى لم تترك فى الذاكرة العربية إلا صفحات حالكة السواد منذ تربعها على عرش العالم حتى الآن، فكل مواقفها وأفعالها كانت دائماً ضد الأمة العربية والإسلامية وإن استترت فى بعض الأحيان بشعاراتٍ زائفة ودعاوى باطلة، فكانت وبالاً على شعوب هذه الأمة وتدميراً لأوطانها، وسيظل التاريخ شاهداً على ذلك رغم محاولات العديد من أنظمة الحكم العميلة عبر عقودٍ طويلةٍ سابقة تزييف الحقائق لاستمالة شعوبها لهذه الدولة الاستعمارية الباغية التى لا يُرادف اسمها إلا الشيطان الأحدب .

الأمر الأخطر فى هذا الموضوع أنْ تلك الدولة العظمى بقوتها المادية وليس بمبادئها الأخلاقية، تناصب أمتنا العداء ليس من منطلق نوازعها الاستعمارية وأطماعها غير المشروعة واستراتيجيتها للهيمنة والسيطرة فحسب، وإنما عداؤها يرتكنُ إلى قناعاتٍ عقائديةٍ خاطئة ممزوجةٍ بطبائع ونوازع عنصرية قميئة، وبالتالى فإنها ستظل على عدائها الظاهر والمستتر لأمتنا العربية مهما كان الكلام معسولاً ومهما كانت بعض المواقف مبهرةً، ومن ثَمَّ فإننى أعتقد أن تلك الدولة وبكيانها الصهيونى المزروع فى قلب المنطقة العربية، ستظل هى العدو الحقيقى لأمتنا العربية إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً، وهذه هى الحقيقة المرة التى يجب ألا تغيب عن الذهن العربى، والتى يجب على كل أنظمة الحكم العربية أن تعمل على أساسها تكتيكياً واستراتيجياً.

من ناحيةٍ أخرى فإن الغريب والمثير للشفقة والسخرية أيضاً أن الشعب الأمريكى يكاد يكون مغيباً عن السياسة الخارجية التى تنتهجها الإدارة الأمريكية والبلطجة العدوانية التى تمارسها فى كل ربوع العالم، فأصبح ذلك لا يعنيه طالما أنَّه يأكل ويشرب ويستمتع برغد الحياة ومفاتنها وترف العيش وزهوته، مع قناعته وغروره بأن دولته هى أقوى دولةٌ فى العالم فلها أن تفعل ما تشاء دون خوفٍ عليها أو حسابٍ لتقلبات الزمن.

فى هذه النقطة يأتى حديثى اليوم امتداداً لحديثى فى مقالاتٍ سابقة عن ضرورة اختراق المجتمع الأمريكى بشكلٍ علمى ممنهج وبآلياتٍ قويةٍ مناسبة، وذلك لاستنهاض الوعى القومى لدى الشعب الأمريكى وخلق الصورة الذهنية الصحيحة لديه عن توجهات وممارسات إدارات حكمه المتعاقبة، ليصير قوةً حقيقية فاعلةً فى تصحيح تلك التوجهات والممارسات التى تنتهجها دولته. وإذا كان هذا الاختراق هو مسئولية كل أنظمة الحكم العربية التى يجب أن تتحد عليه ثم تُسهم فيه بكل إمكانياتها المادية والإعلامية والمخابراتية ومؤسساتها الثقافية، فإننى اليوم أدعو نقابة المحامين- وهى صاحبة التاريخ المشرف فى الدفاع عن الحريات والعدالة وحقوق الإنسان وأمن واستقلال الشعوب - أن تبادر من خلال عضويتها باتحاد المحامين العرب، بإعداد وإقامة دعوى قضائية دولية ضد ثلاثى الشر «بوش الأب» و«بوش الابن» و«أوباما»، لمحاكمتهم كمجرمى حرب عما حدث من دمار وانهيار وتفتيت وتشتيت فى أفغانستان والسودان وليبيا وتونس ومصر وسوريا ولبنان واليمن، نتيجة مخططهم الآثم وتدخلهم العسكرى المباشر أو غير المباشر باستخدام الجماعات الإرهابية العميلة، فضلاً عما اُرتكب من جرائم القتل والتعذيب بداخل معتقلاتهم مثل «سجن أبو غريب» ومعتقل «غوانتنامو» وكلها أحداث ووقائع موثقة تاريخياً. إن هذه المحاكمة قد تنتهى بإدانة هؤلاء المجرمين وذلك قصاصٌ واجب، ولكن الأهم أنها على أى حال ستسهم فى صحوة الشعب الأمريكى ليُدرك ما جهله عبر عقودٍ طويلةٍ ماضية، ولعل ذلك يكون فاتحة أمل ليست للعرب وحدهم ولكن لكل شعوب العالم لتتحرر من هيمنة الشيطان الأحدب وتنجو من أطماعه الخبيثة، إذا ما استفاق الشعب الأمريكى وأصبح له قيمةٌ حقيقية فى صنع القرار الأمريكى. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

لواء بالمعاش