رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنت أد كلمتك؟


قديماً، أتى شابان إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهما يقودان رجلاً وقالا لعمر هذا الرجل قتل أبانا. فسأله عمر: أقتلت أباهما؟!. قال: نعم. فسأله عمر: كيف قتلته؟. لقد دخل بجمله فى أرضى فزجرته فلم ينزجر، فأرسلت عليه حجراً، وقع على رأسه فمات. فقال عمر: النفس بالنفس، لابد أن تقتل كما قتلت أباهما. فقال الرجل: أسالك بالذى رفع السماء بلا عمد أن تتركنى ليلة، لأذهب بها إلى زوجتى وأطفالى فى البادية، فأخبرهم بأنك سوف تقتلنى ثم أعود إليك، والله ليس لهم عائل الا الله ثم أنا. فقال عمر: من يكفلك أن تذهب إلى البادية ثم تعود إلىَّ؟.

فسكت الناس جميعاً فهم لا يعرفون اسمه ولاداره ولا قبيلته فكيف يكفلونه، إلا أبا ذر الغفارى قال يا أمير المؤمنين، أنا أكفله. فقال عمر: هو قتل؟ فقال الغفارى: ولو كان قاتلاً!! فقال عمر: أتعرفه؟. فقال: ما أعرفه. فقال عمر: فكيف تكفله ؟. فقال أبوذر رأيت فيه سمات المؤمنين فعلمت أنه لا يكذب، وسيفى بعهده إن شاء الله.. فقال عمر: أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث إنى تاركك؟ قال أبوذر: الله المستعان يا أمير المؤمنين..

وبعد ثلاث ليال.. جاء عمر والشابان وأبوذر. فسأل عمر أبا ذر الغفارى: أين الرجل؟ فقال: ما أدرى... وأخذوا جميعاً ينتظرون !!!... قبل الغروب بلحظات. أتى الرجل. فقال عمر: أيها الرجل.. إنك لو بقيت فى باديتك ما شعرنا بك وما عرفنا مكانك. فقال الرجل: والله ما على منك ولكن على من الذى يعلم السر وأخفى، لقد تركت أطفالى كفراخ الطير لا ماء ولا شجر فى البادية، وجئت لأقتل، لأنى خشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس.. فسأل عمرأباذر: لماذا ضمنته؟. فقال أبو ذر: خشيت أن يقال: لقد ذهب الخير من الناس.. فقال عمر للشابين: ماذا تريان؟ فقالا وهما يبكيان عفونا عنه لصدقه ووفائه بالعهد، فنحن نحشى أن يقال: لقد ذهب العفو من الناس.. واليوم.. بافتتاح قناة السويس الجديدة، وعدنا فأوفينا... لقد نجحنا أمام أنفسنا وأمام العالم، لأن الجيش والقيادة «طلعت أد كلمتهم» لكن للأسف، هذا ما نفتقده كمصريين.. فكم منا وعد وغدر ولم يفِ... فكم منا تحدث فكذب.. كم منا أؤتمن فخان! لكن.. فى معركة إعادة بناء مصر، آن الأوان لأن تطرح على نفسك هذا السؤال. هل أنا «أد كلمتى»؟ هل أنا أوفى بوعودى؟. أنت، الوحيد القادر على مواجهة نفسك بالحقيقة!!! إذا كنت «أد كلمتك» وتفى بوعودك، فقد فزت بالدنيا وبالآخرة.. أما إذا لم تكن... فلسنا بحاجة إليك الآن فى مرحلة إعادة بناء مصر. فنحن بحاجة إلى كل من يكون «أد كلمته». موعدنا الخميس المقبل إن شاء الله