رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كشف المستور فى جمعة «مصر مش عزبة»


أؤكد على اتفاق أمريكا والغرب وبعض دولنا العربية بألا تقوم لمصر «محمد على» قائمة.. فالتاريخ لم يمت.. والشعب مازال حيا يرزق.. وها هى ثورته العظيمة قد أرهبت الصديق قبل العدو.

فى يوم الجمعة الماضى «مصر مش عزبة».. انكشف المستور وبانت معادن الناس.. فعندما ذهبت للميدان.. لم أر للمعارضة أى وجود يذكر.. اللهم إلا بعض النشطاء السياسيين مثل السيدة جميلة إسماعيل.. زوجة الدكتور أيمن نور حيث اعتلت المنصة الرئيسية وهتفت «عيش – حرية – عدالة اجتماعية».. ثم هتف خلفها العشرات من الشباب.. تركت السيدة جميلة وشعاراتها.. واتجهت باحثا عن هؤلاء الذين صدعوا رءوسنا ليل نهار فى الفضائيات عن دورهم فى الثورة وحربهم المستمرة ضد الإخوان المسلمين وغيرهم لتحقيق أهداف الثورة.. وبكل صراحة لم أجد لهذه النوعية من المعارضة أى وجود على الإطلاق كما سبق وذكرت.. وليت الأمر قد وقف عند هذا الحد.. بل فوجئت بخبر يكشف عن وجود حمدين صباحى.. المرشح السابق للرئاسة فى مؤتمربدمياط فى نفس توقيت مظاهرات هذه الجمعة!!

بصراحة أنا لم أستوعب ذهاب «صباحى» إلى دمياط لأى سبب كان وعدم اهتمامه بالمظاهرات ومطالب المتظاهرين.. وما ينطبق على صباحى ينطبق على غيره ممن يطلقون على أنفسهم معارضة.. وجلست أفكر فيما وصلنا إليه من تمزيق وتفريق.. وخرجت بنتيجة مفادها أن هناك من تعمد وأد الثورة العظيمة منذ بدايتها.. كما اقتنعت بأن هذا الشعب العظيم لم ينفك من براثن الاستعمار وأعوانه.

وفى الميدان وضعت يدى على رأسى ونظرت إلى هذا المكان لا أتذكر أيام الثورة الأولى.. واسترجعت مشهد الشباب وهم ينظفون الميدان والأجانب ينظرون إليهم بانبهار منقطع النظير.. تذكرت المسلم يصلى بجوار المسيحى.. والليبرالى يجلس بجوار الإخوانى والسلفى.. تذكرت الأطباء الشباب وهم يعالجون المصابين ويغسلون الشهداء الذين اغتالتهم يد الغدر.. تذكرت الشباب المخلص وهم يشكلون لجان التفتيش ليمنعوا اللصوص والبلطجية وأعداء المجتمع من العبث بالثورة والثوار.

تذكرت كل هذا ونهضت من مكانى لا أتجول فى الميدان وأسال المتظاهرين عن مصير الثورة والثوار والشهداء.. لم أترك مكانا فيه تجمع إلا وسألتهم.. لم أترك خطيبا اعتلى المنصة إلا وسمعته.. الكل كان يجمع على أن الثورة مستمرة ولن تموت مهما كانت الظروف.. الكل كان مصمما على أن مصر لكل المصريين.. وليست لفصيل معين دون غيره.. وأن الدستور الذى يعد لابد أن يعبر عن الكل.. وإلا سيكون مصيره النسيان.

رأيت على وجوه الناس حالة من الياس والبؤس.. الكل متشائم.. الكل خائف من المستقبل.. الكل يؤكد أن النظام الحالى لا يعبر بأى حال عن جميع شرائح الشعب.. الكل كان يطالب بمحاكمة المجرمين ورجوع الأموال المنهوبة.. وكذلك الأراضى التى حصل عليها اللصوص بتراب الفلوس.. أحاديث كثيرة رصدتها من قلب الميدان تنذر بقرب كارثة محققة إن لم يتفق النظام والشعب على تحقيق مطالب الثورة.

من بين هذه المشاهد رأيت أم شهيد تصرخ فى الميدان مطالبة بالثأر لولدها ممن قتلوه.. وسمعت فتاة فى العشرينيات تؤكد أن المجلس العسكرى والإخوان ضحكوا على الشعب.. ورأيت بائعا للأعلام المصرية يتحسر على كساد تجارته.. وسمعت أحد الاشقاء من سوريا يقول لعدد من الشباب «احمدوا الله على أن ثورتكم قد وصلت إلى هذا الحد بدلاً من اقتتال الشعب لبعضه البعض».. وشاب آخر يجمع حوله عددًا من الشباب ويلقى عليهم إنتاجه الأدبى الممزوج بمرارة المشاكل الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.. والأغرب من هذا وذاك تلك الفتاة الصغيرة التى تمسك بعلم مكتوب عليه» لن تموت ثورتنا.. وما نامت أعين الجبناء».

أما هذا الشاب الذى أتى على عكازين ليشارك المتظاهرين مطالبهم.. فقد أقسم بالله إنه لن يترك حقه ولا حق إخوانه الثوار الذين دفعوا دماءهم فى سبيل نجاح الثورة.. كل هذا الجمع قد كون ملحمة إنسانية رائعة ترسم من جديد ملامح ثورة بحجم آمانيهم فى ظل استحكام إخوانى على مقاليد الحكم.. ووسط هذه التجمعات سألتنى أمراة سبعينية: يا ابنى؟.. أجبتها: نعم.. قالت لى: مصر إلى أين؟.. وهنا صمت أمامها وقلت: والله يا أمى ما عدت أعرف إلى أى مصير سنكون.. وإلى أى مستقبل نتطلع وسط هذا الصراع المجتمعى الذى ينذر بعواقب وخيمة.. ردت السيدة وقالت: هل ستقسم مصر فعلا فى ظل هذه الفرقة وهذا الاختلاف بين القوى السياسية على كل شىء وأى شىء؟؟.. قلت لها: والله يا أمى قد تكونين محقة فى طرحك.. لكن بحسب ظنى أن الله حافظ هذا الشعب.. وزدت على ذلك قائلا: ألم يقل الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - إن «مصر فى رباط إلى يوم الدين».

بعد هذه الرحلة المؤلمة فى قلب الميدان.. ذهبت إلى مسكنى مهموما حائرا بائسا.. سألنى ابنى الأكبر «مصطفى» عن سبب همى ويأسي.. بصراحة لم أرد أن أثقل عليه وفضلت الصمت.

ختاما.. أريد أن ألفت انتباه الجميع داخل وخارج مصر.. أى فى وطننا العربى وليس الشرق الأوسط الكبير كما يردد البعض خلف العدو كالببغاوات.. إلى تصريح الرئيس الأمريكى باراك أوباما عندما قال إن «أمن إسرائيل أمر مقدس».. وهذا الكلام له من المعانى الواضحة والخفية مايجب على أصحاب العقول - وليس البهائم - أن يعقلوه جيدا.. فالمرحلة القادمة أسوأ مما نتصور..

وأؤكد على اتفاق أمريكا والغرب وبعض دولنا العربية بألا تقوم لمصر «محمد على» قائمة.. فالتاريخ لم يمت.. والشعب مازال حيا يرزق.. وها هى ثورته العظيمة قد أرهبت الصديق قبل العدو.. فهل سيسمحون لنا مرة أخرى بجيش قوى يردع أعداء الله والوطن كما فعل إبراهيم باشا وأبوه عندما وحدا السودان مع مصر.. وضما لهما أرض الشام وقاربا مشارف الأستانة؟؟.. لا أعتقد ذلك.. فانتبهوا يا أولى الألباب يرحمكم الله.

■ كاتب صحفى

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.