رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسئولية مواجهة فكر الإرهاب


ننزلق إلى منحى خطير دون أن ندرى يطول من أمد المعركة ضد الإرهاب يتمثل فى الترويج لمفردات داعشية فى خطابنا الدينى وأحيانًا عبر وسائل الإعلام – سواء بقصد أو بدون – ما يؤدى بالتبعية إلى تكريس عناصر استقبال الفكر المتطرف واعتقد أنه آن الآوان لكى نعيد النظر فيمن يجب أن يعتلى المنابر ويخاطب البسطاء من الناس ومن يتحمل مسئولية الدعوة عبر أثير الإذاعة والتليفزيون ولا شك أن هذا دور وزارة الأوقاف والأزهر الشريف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية لأن الخطاب الدينى فى الحقيقة خطاب إعلامى وكما نعلم أن الرسالة الإعلامية تسهم فى تشكيل وعى المتلقى فما بالكم بالرسالة التى تحمل فى طياتها مضامين دينية ونحن شعب متدين بطبيعته خاصة إذا علمنا أن الإرهاب ليس قضية أمنية رغم أن جانبًا منها أمنى لكن فى الأساس هى قضية فكر يخاطب العقل وإذا كان الفكر فاسدًا فإن العقل سيفسد إذا اقتنع بالفكر الفاسد وعليه تصبح مواجهة الإرهاب فيما يحدث اليوم التصدى للفروع دون التعاطى مع الأصول!!

تبدأ الأصول من الأسرة الخلية الأولى فى المجتمع يليها دور العبادة ثم دور العلم من مدارس وجامعات ولا يجب أن نغفل دور الإعلام فى صياغة عقل الأمة وكذلك الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية والنقابات المهنية وتعد كل هذه الدوائر الاجتماعية نوعًا من الحاضنات لأى فكر بغض النظر عن طبيعته يؤثر فى النشء الذى يعتبر سلاح المجتمع بناءً أو هدمًا إذا صلح الفكر قاد إلى جيل صالح يبنى مجتمعه على أسس سليمة واذا فسد الفكر قاد إلى جيل طالح يهدم مجتمعه ويقوض حاضره ومستقبله ومن ثم إذا تتسللت إلى المجتمع التوجهات الإرهابية من خلال الفكر الذى يحاول مروجوه ربطه بالدين والدين منه براء فإننا أمام مشكلة ليس للأمن دور فيها!!

وكم سمعنا مقولة أنه يجب القضاء على الإرهاب من خلال تجفيف منابعه وفى تصورى أن البعض قد لا يعلم الكيفية التى من خلالها يتم تجفيف منابع الإرهاب وأجد أن تصحيح أو فلترة الخطاب الدينى أمر مهم لإنجاز هذه الخطوة عن طريق العودة إلى المفهوم الوسطى للدين وتربية النشء على قيم وأخلاق هذه الوسطية وعليه يصبح من الضرورى أن يتحمل الأزهر والكنيسة مسئولية مراجعة مناهج التربية الدينية والاهتمام بمن يقوم بتدريسها فلا يعقل مثلاً أن مدرس الألعاب يدرس تربية دينية للعجز فى معلمى هذه المادة أو مدرسة اللغة الفرنسية تقوم بتدريس التربية الدينية المسيحية خاصة فى المدارس الخاصة!!

إذن نحن أمام عملية بناء فكرى لحماية أولادنا من الفكر المتطرف كى نقضى على الإرهاب من جذوره ولا نعطى الفرصة لنمو فروعه وهنا نساعد فى المواجهة الأمنية التى لا تأتى إلا بعد استفحال المشكلة التى تتحول مع مرور الزمن إلى ظاهرة يصعب السيطرة عليها.

بالطبع تسهم عوامل أخرى فى تهيئة مناخ الإرهاب منها طول أمد المحاكمات فلا يمكن أن نحاكم إرهابيًا بقانون الإجراءات الجنائية العادى الذى يعود تاريخه إلى العام 1937 لأن الإرهابى مجرم غير عادى ولابد أن يحاكم أمام القضاء العسكرى وتطبق عليه القوانين غير العادية ولا ننتظر حتى تحدث عمليات إرهابية يذهب ضحيتها فلذات أكبادنا أو يدعونا رئيس الدولة إلى رفع الأغلال التى تكبل العدالة الناجزة حتى نبدأ نفكر فى تعديل القوانين ولا شك أن مشروع قانون مكافحة الإرهاب خطوة إيجابية على الطريق الصحيح وإن جاءت متأخرة ولا يجب أن نخشى أن يكون له أى تأثير على حرية التعبير؛ لأنه موجه بالأساس إلى الإرهابيين من هنا دعونا نفكر بشكل مختلف لحماية الوطن من خطر الإرهاب سواء القادم من الداخل أو الخارج ولا نخشى إلا الله فى مواجهته فالجميع فى قارب واحد ومواجهة الإرهاب مسئولية مجتمعية