رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مواجهة جديدة مع الإرهاب


تشكل المعارك التى دارت فى سيناء يوم أول يوليو ٢٠١٥ علامة على طريق تطور القوات المسلحة المصرية بشكل خاص والدولة المصرية بشكل عام...

... حيث كانت أول عمليات تدور على نطاق واسع نسبية بحيث خرجت المعارك عن نطاق هدف واحد كما حدث فى عمليات سابقة، وشاركت مختلف الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة وأسلحة القوات البرية، وأبدى مقاتلو القوات المسلحة قدرة عالية على مواجهة الهجمات المعادية، واحتراف على مستوى عال، ودرجة من اليقظة وروح المبادأة، والقدرة على التصرف ومما سبق فإن هذه المعارك يجب أن تخضع للدراسة والتحليل للاستفادة من النواحى الايجابية التى ظهرت مع عدم إغفال دراسة نقاط الضعف التى بدت والعمل على معالجتها وبذل الجهود لتلافيها، كذلك فإن المعارك وإن كانت ذات طابع عسكرى، إلا أنها لها جانبها السياسى، خاصة إذا ربطناها بما جرى من اغتيال النائب العام هشام بركات، والمحاولات الأخرى السابقة وما قد يليها.

لابد من الإشارة إلى أن هذه العمليات لم تكن مفاجئة تماماً، بل كانت متوقعة من حيث المبدأ. أولاً إن الجماعة الإرهابية فشلت منذ نوفمبر ٢٠١٤ فى تحقيق حشد جماهيرى تقترب به من الحشد الجماهيرى الذى تحقق يوم ٣٠ يونيه ٢٠١٣ وأصبحت استراتيجيتها تعتمد على القيام بأعمال عنف وتفجيرات تتطلب أعداداً قليلة من الأفراد ولكنها تحدث خسائر بشرية ومادية، إلا أن توقع هذه الأعمال لم تكمله معلومات محددة عن الهجمات سواء فى سيناء أو فى الداخل، وهكذا لم يمكن القيام بمعركة استباقية تحبط هذه الأعمال وتحرم الإرهابيين من فرصة الامساك بالمبادأة ويرجع هذا فى رأيى إلى أن المخابرات والمباحث لم يمكنها كشف نوايا وخطط العدو حتى يمكن اعتراضها وهذا يرجع فى رأيى إلى أن التعاون بين عناصر المخابرات والمباحث وعناصر شعبية، كما أن العناصر الشعبية لم تقم بمعاونة هذه الأجهزة بدرجة تساعدها على إحباط خططها وإفشالها قبل البدء بالتنفيذ. أخيراً فإنه من الواضح أننا لم نحقق أكبر فائدة من التكنولوجيا وامكانيات أجهزة التنصت للحصول على المعلومات المطلوبة، كذلك فإنه من الواضح أن مدينة الشيخ زويد أصبحت تشكل ملجأ للعناصر الإرهابية وإن سكان هذه المنطقة لم يتعاونوا بشكل كاف مع القوات المسلحة، لذا فمن الواجب إتباع أسلوب مختلف لفرض السيطرة على هذه المنطقة بما فيها إخلاء المنطقة مؤقتاً من السكان ولحين إكمال السيطرة عليها.

لابد من الإشارة إلى أن غالبية الشعب المصرى قد عاشت ساعات ويدها على قلبها ويساورها قلق شديد على القوات المسلحة وربما لم تهدأ إلا بعد صدور بيان القوات المسلحة. وهم يتساءلون عن حق، لماذا لا نستطيع إحباط هذه الجرائم ونحن أصحاب الأرض وإن هناك تفويضاً للرئيس لعمل ما يريد.

هنا لأن من ربط ما حدث من جرائم ببعض الأمور الداخلية، فكثيرون يشكون من رفع مفاجئ وشديد فى الرسوم التى كانت محددة لبعض العمليات مثل استخدام الطرق والمحاجر، ويتساءلون عما إذا كان هناك فى الحكومة من يتعمد عزل الحكومة عن الشعب، بأن يصل البعض إلى العجز عن تحقيق أى حد أدنى من مطالب الحياة، لذا أرجو أن تراجع أجهزة الدولة ما يمكن أن تكون قد فرضته من رسوم جديدة وعلاقتها بالرسوم السابقة، وأن يتأكد الجميع أن الرسوم المعقولة تحقق عائداً أكثر مما تحققه الرسوم شديدة الارتفاع. ومرة أخرى على الرئيس ورئيس الوزراء أن يعملا على تنشيط كل الأجهزة والمؤسسات مع تقليل الاعتماد على الجهد الشخصى دون إغفاله.

أما الجانب العربى فى مواجهة الإرهاب فإن إجماع مجلس جامعة الدول العربية لم يشكل إضافة جديدة فهو لم يزد عن كونه مباراة بين مندوبى الدول الأعضاء فى إلقاء العبارات الرنانة والجمل الحماسية عن إدانة الإرهابيين وشجب الأعمال الإرهابية، والوقوف إلى جانب مصر وخارج اجتماع المجلس كانت تصريحات المسئولين كلها شجب وإدانة وتعبير عن الوقوف إلى جانب مصر ولم نسمع من أى منهم عن إجراء عملى لمواجهة الإرهاب، ولم يدرك أى منهم أن الإرهاب فى مصر ليس معزولاً عما يجرى خارج مصر، خاصة أن الواقع يقول إن دولاً عربية تدعم الإرهاب فى مناطق مختلفة من الوطن العربى وضد هذه الدول، وهناك دولة عربية على الأقل تدعم الإرهاب فى مصر. إن على الدول العربية أن تتوقف أولاً وفوراً عن دعم وتمويل الإرهاب أينما كان، كما أن عليها أن تتعهد بتقديم المعلومات عن الإرهابيين كلما توافرت لديها، كما أن عليها أن تقبض على مدبرى الإرهاب لديها وتقديم المطلوبين والمتهمين فى قضايا الإرهاب، كما أن عليهم أن يقاطعوا أى سلطة تؤيد الإرهاب.