رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحصين البرلمان احترام للإرادة الشعبية


ثار جدل بين النخبة السياسية فى الأيام الماضية حول تحصين مجلس النواب القادم وامتد إلى الرأى العام باتساعه وتنوعه ودار سؤال هل يصح تحصين البرلمان؟ وهل هذا التحصين يكون دستورياً وهل يكون فى كل الأحوال؟ بكل تأكيد تحصين البرلمان من الحل يكون فى حالة وحيدة وهو حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص من نصوص قوانين الانتخابات وليس بصفة عامة...

... فالمادة 137 من الدستور تجيز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب إلى قرار الحل والمادة 146 من الدستور تعلن حل المجلس أيضاً لو فشلت الحكومة التى كلفها الرئيس للمرة الثانية من الائتلاف الفائز بالأغلبية أو الأكثرية فى الحصول على ثقة أعضاء المجلس بالأغلبية المطلقة والحكومة اقتنعت مؤخرا بوجهة نظرنا التى طالبت منذ اليوم الأول لحكم المحكمة الدستورية فى 2 مارس الماضى بضرورة حماية البرلمان المنتخب من صياغة المادة 102 من الدستور والتى اشترطت تقسيم الدوائر على أساس التمثيل العادل للسكان والمحافظات والتمثيل المتكافئ للناخبين.

وهى شروط ثلاثة جعلت من المستحيل الوصول إلى قانون دستورى يجمعهم وتجعل إجراء الانتخابات واستكمالها للوصول إلى مجلس نواب فى ظل تعديلات الرئيس عدلى منصور على قانون المحكمة الدستورية التى قصرت مدة نظرها أى طعون انتخابية فى 23 يوماً ضرباً من المستحيل ولقد بح صوتنا ونحن نصرخ منبهين لذلك والتقينا المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، لشرح مخاطر تلك المادة الدستورية وإن تلاقيها مع تعديلات الرئيس عدلى منصور ستبقى مصر بلا انتخابات وبالتالى دون برلمان وصمت لجنة تعديل القوانين آذانها وكأنها لايهمها استكمال مصر لخارطة المستقبل حتى كان اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسى برؤساء الأحزاب وعرضناها بالتفصيل على السيد الرئيس لتتحرك الحكومة بسرعة بعدها وتتقدم بطلب إلى مجلس الدولة هو الأول من نوعه لصياغة تشريع يضمن استمرارية مجلس النواب المنتخب عبر إرادة شعبية تمثلت فى ملايين الناخبين الذين توافدوا على لجان الانتخابات لاختيار ممثليهم فى المجلس التشريعى والرقابى الاول فى البلاد وهو ما يعرف بتحصين البرلمان..

والحق لقد صاغ مجلس الدولة صياغة رائعة لمشروع قانون يجمع بين تحرير المحكمة الدستورية من المواعيد المختصرة لنظر الطعون الانتخابية المتعلقة بمجلس النواب وعدم حل مجلس النواب نهائياً حتى لو صدر حكم بعد انعقاده ببطلان بعض نصوص انتخابه، وذلك بإضافة فقرة رابعة إلى نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا نصها الآتى: «وإذا كان الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة يترتب عليه بطلان انتخابات مجلس النواب، فلا يسرى أثر هذا الحكم على مجلس النواب الذى تم انتخابه وفقاً للنصوص المقضى بعدم دستوريتها، وذلك دون الإخلال بحق المدعى فى التعويض». وأيضا تحرير المحكمة الدستورية من المدة المختصرة لنظر الطعون الانتخابية على مجلس النواب فقط وإبقاؤها على طعون الانتخابات الرئاسية مما يتيح للمحكمة الدستورية العليا التأنى فى نظر الطعون على قوانين الانتخابات البرلمانية ويسمح بإتمام خارطة المستقبل ويدعم استمرار المجلس النيابى حتى نهاية مدته المقررة دستوريا.

والحق أن لجوء الحكومة لقسم التشريع فى مجلس الدولة أمر تستحق التحية عليه فهو يمثل حالة نادرة غير مسبوقة بعد أن درجت الحكومات السابقة حتى على إهمال إرسال مشروعات قوانينها لمراجعتها فى قسم التشريع فى مجلس الدولة كما تنص المادة 63 من قانونه ولم تستجيب لدعوتنا لها على مدى السنوات العشر الأخيرة على الالتزام بهذا النص من قانون مجلس الدولة ولقد استنت حكومة المهندس إبراهيم محلب سنة حميدة فشارك قسم التشريع لأول مرة فى وضع مشروعات القوانين. إن تحصين مجلس النواب القادم من الحل بسبب عدم دستورية قوانين الانتخابات هو احترام للإرادة الشعبية التى خرجت بالملايين تنتخب برلمانها ونستطيع أن نقول بكل ثقة أخيراً سيكون لدينا مجلس نواب وسيستكمل مدته الدستورية.