رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مراجعات رمضانية


أجد أنها فرصة لاستعادة قيم غائبة منها شهامة و «جدعنة» ولاد البلد والتى تترجم فى سلوكيات بحياتنا اليومية وكم يحتاج الشارع المصرى إلى شكل من أشكال التكافل المجتمعى المعنوى قبل المادى بدءاً من مساعدة الكبير والضعيف واحترام المرأة لأنها الأم والأخت والابنة والزوجة سواء كان احتراماً قولياً أو سلوكياً، والتناقض الغريب أن أكثر من 95% من بناتنا محجبات ومع ذلك انتشرت ظاهرة التحرش وفى الستينيات والسبيعنيات من القرن الماضى لم يكن الحجاب منتشراً ولم نر أى شكل من أشكال التحرش إلا فيما ندر، من هنا نحن فى حاجة إلى نشر ثقافة المسئولية الاجتماعية وهى ثقافة تعكس التزاماً أخلاقياً وهذا ينقلنا إلى مراجعة أخرى لماذا نخاف من العبد ولا نخاف من الرب؟ يتضح ذلك فى عدم الأمانة فى كل شىء ومثال بسيط على ذلك لو لم يكن هناك شرطى يقف فى إشارة المرور لخالف بعض السائقين، وكم احترم هذا السائق الذى يقف فى الإشارة الحمراء وحيداً فى ساعات الليل المتأخرة وقس على ذلك نماذج وأمثلة كثيرة فى حياتنا تحتاج الالتزام بقيمة الأمانة قبل أن يكون الالتزام سببه قوة القانون الرادعة ومن القيم المفقودة فى مجتمعنا العفة والحياء أليس غريباً أن تمتلئ وسائل الإعلام بألفاظ بعيدة عن الحياء نتيجة أن هناك أفكاراً تصل إلى حد أن أصبحت سياسات إعلامية ممنهجة تدق على وتر «الممنوع مرغوب» وتحت مزاعم حرية الإبداع وتطرق أبوابا كانت تسمى قديماً «العيب» أو هكذا تعلمنا أنها العيب!!

أنا من جيل تربى فى الستينيات والسبعينيات على المثل الأعلى، فكنا فى مرحلة نعومة الأظفار مابين الطفولة والشباب نبحث عن القدوة الحسنة فى كتاب ندخر من مصروفنا حتى نشتريه بقروش زهيدة قبل ظهور عالم «الفيس بوك» وما شابه الآن من العوالم الافتراضية والتى بحثت فيها عن المثل الأعلى فلم أجده كان المثل الأعلى زعيماً سياسياً أو معلماً أو كاتباً أو ممثلاً أو لاعباً رياضياً أو حتى شخصاً عادياً فى تصرفاته البسيطة يصبح مثلا وقدوة لنا، الغريب أن المثل الأعلى الآن مختلف شكلاً وموضوعاً إن وجد!!

من أجمل ما تربينا عليه نحن جيل السبعينيات فى الجامعة حب الوطن وإن كنت دخلت الجامعة ومعى ذخيرة من حب الوطن تكفى مشاعر العالم كله تعلمته فى شارعى وأنا صغير مع رفاقى فى بورسعيد، فقبل 67 عشقنا مصر فى عبد الناصر وبعد 67 دفعنا حب مصر لاستبدال الهزيمة نصراً وكنا لم نتجاوز بعد المرحلة الإعدادية، وعندما هجرنا مع مرحلة حرب الاستنزاف تعلمنا أصول حب مصر من جديد فى منظمة الشباب التى زودتنا بالمعرفة إلى جانب عشق الوطن فلما دخلنا الجامعة تظاهرنا ليس ضد نظام أو حاكم ولكن تظاهرنا من أجل حب مصر فلم نخرب أو نحرق منشآت عامة أو خاصة ولم نوقف دراسة أو نعطل وسائل نقل عام كنا نطالب بوقف تداعيات الانفتاح الاقتصادى من أجل مصر وطالبنا بألا يعلو صوت فوق صوت المعركة وهذا أيضاً كان من أجل مصر وأن حب الوطن من حب الله ولم يكن الوطن أبداً وثناً وعلمه صنم كما يزعم دعاة الإرهاب!! وهكذا نجد أن مراجعة النفس بداية لعودة ما افتقدناه من قيم إيجابية فى مجتمعنا خلال السنوات الأربع الأخيرة وبعد 30 عاماً سقط المجتمع نتيجة تجريف الوعى فهيأ المناخ لتراجع قيم رائعة لم نكن نجدها إلا فى مصر و رمضان كريم