رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالفيديو.. "الفانوس" فخر الصناعة المصرية.. وصُنَّاعه: "الصيني وصافيناز مش فارقين معانا"

جريدة الدستور

يعد علامة مميزة على قدوم الشهر الكريم، يدخل السرور على قلب الأطفال والكبار، تتزين به الشوارع في مطلع الشهر حتى نهايته، ليظل أحد المظاهر الشعبية الأصيلة في مصر، فضلًا عن كونه أحد الفنون الفلكلورية التي ارتبطت بشهر الصوم، لكن مع مرور الوقت تحول إلى قطعة من الديكور العربي في الكثير من البيوت المصرية الحديثة. إنه فانوس رمضان.

كلمة "الفانوس"، هي في الأصل كلمة إغريقية تشير إلى إحدى وسائل الإضاءة، لكنه سمي في بعض الأحيان باسم "النمام"؛ لأن حامله يظهر وسط الظلام، واستخدم الفانوس خلال فترة صدر الإسلام في الإضاءة ليلاً للذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب.

أما صناعة الفوانيس، فهي الجزء الشاق من تلك العادة الرمضانية، التي حدثنا عنها "محمد" صاحب ورشة لصناعة الفوانيس في أحد أروقة منطقة السيدة زينب، قائلًا: "أول حاجة بنجيبها صفيح أو صاج لونه فضي أو ذهبي، و(نسندقها) يعني نشكلها عشان نبدأ نبني عليها الفانوس ونطلع بيه".

وأضاف: "نستخدم مادة "اللافونية" اللي بتخلينا نقدر نسيح أجزاء الفانوس ونشكلها، وبتخلي الفانوس يمسك في بعضه، ونستخدم مادة كاوية، ونحاس وأسياخ حديد، ونمسكهم بـ"مناصب" خشب عشان متسحش في إيدينا".

وتابع خطوات عمل الفانوس بقوله: "بعد ما بنسندق الفانوس نبني عليه الفانوس البرج، وبعديها بنجيب الصفيح ونقصه ونعمل الرسومات على الإطار ونشكله بالألوان".

وأكد أن "أشهر الفوانيس اللي بتتباع هو فانوس البرج اللي معظم صناع الفوانيس بيشتغلوا عليه، عشان هو فانوس كبير، وممكن ترسم عليه أو تشكل حروف، نعمله من القاعدة ونبني عليه".. تلك المهنة الشاقة التي ورثها "محمد" عن خاله وأتقنها منه منذ 12 عامًا مضت، وتعد عائلته من أحسن صانعي الفوانيس في مصر.

واستكمل حديثه: "المهنة مش سهلة خصوصًا الصنايعي اللي بيكون في الأول مش متعود، لكن عامة الفانوس الكبير ممكن ياخد صناعة لمدة 4 أيام والصغير 3 ساعات، وفي اليوم تقريبًا بنعمل 10 فوانيس، وهي بتعتمد على سرعة الصنيعي، غير  إن فيه فانوس صغير بس الشغل فيه بيكون صعب، وفانوس كبير شغله سهل مبيحتجش وقت على حسب رسمة الفانوس الفيش بتاعه".

وعن دخول الفوانيس الصيني قال: إن "البيع بشكل عام قل السنة دي عن السنة اللي فاتت بنسبة 10%، لأن المواد الخام بتغلى والصنايعي بيغلي الأسعار وكل دا بييجي على سعر الفانوس في النهاية".

وتابع، "الفوانيس الصيني لم تؤثر على الفوانيس المصري، عشان مصر هي أصل الصناعة، وعشان الصين مبطلعش فوانيس يدوية، ولكن بتاجر في فوانيس الأطفال فقط، لكن إحنا بنعمل الفانوس المصري اللي مصنوع من الصاج، ودة بيكون للزينة في الشوارع والمحلات، ومفيش طفل بيشتريه عشان ممكن يعوره".

وتابع، "الفوانيس الجديدة اللي بتطلع دي الخشب والبلاستيك واللي بتنور دي شغل مكابس بس، يعني الآلات والمعدات هي اللي بتطلع الفوانيس مش شغل يدوي، ودي حاجة سهلة مختلفة عننا؛ لأننا اللي بنعمل الفانوس ونفصله".

وعن الأسعار أكد "محمد"، أن الفانوس الكبير يباع بـ 200 جنيه، فضلًا عن أن المهنة بها أكثر من سعر تعتمد على حجم الفانوس والمقاس والتفصيل والمواد الخام.

وتابع، "إحنا طول السنة شغالين عشان نطلع الكمية دي محدش يقدر يطلعها لو اشتغل شهر واحد بس، لكن في شهر رمضان بنبدأ بقى الشغل الجد ونتلكم مع مستوردين، عشان نطلع الفوانيس دي برة".

وفي ورشة أخرى..
"إحنا في الكار دة من صغرنا" بهذه الجملة بدء عم أحمد 65، سنة صانع فوانيس رمضان، حديثه لـ"الدستور" في ورشته المتواضعة بحي السيدة زينب، مضيفاً أن أول فانوس تم صنعه على يده كان بـ"3 ساغ".

وأضاف عم أحمد، أنه يعمل في صناعة فوانيس رمضان طوال العام فهي صناعة لا تقتصر على الشهر الكريم فقط، مشيراً إلى أنه يتم تصدير الفانوس المصري الأصيل إلى العديد من الدول العربية منها الأردن، الإمارات، السعودية.

وأكد أن قرار إيقاف استيراد "الفانوس الصيني" جاء بالإيجاب على صناعة الفانوس المعدن؛ حيث ازداد الطلب عليه بشكل كبير، كما أكد أن سعر المواد الخام ارتفع وبالتالي تتم زيادة سعر الفانوس، قائلاً: "إحنا شغالين بالبركة".

"بقطع الإزاز عشان نكمل الفانوس" فهي وظيفة عم صلاح في صناعة الفوانيس، "عمر الصناعة دي ما تنقرض" علق عم صلاح على اندثار هذه المهنة العريقة؛ حيث أضاف أنه يعلم أولاده كي لا تنقرض.

وقال صاحب إحدى ورش صناعة الفوانيس: إنه استغرق من الزمان 40 عامًا لتعلم هذه المهنة، فهذه الصناعة هي ميراثه أبًا عن جد، وعلق على قرار مجلس الوزراء عن عدم استيراد الفانوس الصيني، قائلاً: "جه متأخر"، لأن الفانوس المصري كان في طريقة إلى الانقراض، مؤكداً أنه أفضل بكثير من الفانوس الصيني لأنه موفر للطاقة، موضحًا أن قرار إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، بوقف استيراد الفانوس الصيني، له جانب سلبي وجانب إيجابي؛ حيث تمكن صانعو الفانوس من طلب أجر أكبر من الذي كان قبل القرار، أما عن الجانب الإيجابي هو ميلاد جديد للفانوس المصري، لأنه أدى إلى زيادة الأيدي العاملة وتقليل أزمة البطالة، وزيادة الأماكن التي تفتح لتصنيع الفوانيس المصرية.