رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرحلة أكل العيش!!


الرئيس السيسى لا يترك أى مناسبة إلا ويتحدث فيها عن أهمية العمل بإتقان وإخلاص وأنه لن يستطيع تحمل المسؤولية وحده بل بمشاركة الجميع كما يؤكد على ضرورة اختيار الأكفاء فى المناصب القيادية والوظائف المهمة، وطالب أكثر من مرة أصحاب القدرات الضعيفة بترك مناصبهم وطبعا هذا لم ولن يحدث بل بالعكس فالمسئولون الضعفاء يصعدون أمثالهم ويستبعدون المبدعين الأقوياء، وخلال حديثه الشهرى الأخير أشار الرئيس إلى حجم التحديات التى تواجهه وتعيق التنمية فى مقدمتها الجهاز الإدارى للدولة وفساده المستفحل، وإلى اللحظة التى أكتب فيها هذه السطور فإن مشكلة مصر كانت ومازالت فى الإدارة وليست فى الموارد وإن الإنجازات التى تحققت فى مصر على مدى تاريخها لم تكن مؤسسية بل كانت إبداعات فردية، لأن هناك شخصًا ما تولى المسئولية وكانت لدية الإرادة والإخلاص لتحقيق النهوض والرقى بمؤسسته، وأصدق مثال على ذلك هو مركز المسالك والكلى بجامعة المنصورة والذى يعطنى الأمل أن مصر ممكن تتغير إلى الأفضل فى شهور وليس سنين، مركز الكلى بالمنصورة كان من الممكن أن يكون مثل آلاف المستشفيات الحكومية عنوانًا للفشل والفساد ومقبرة للمصريين لولا وجود مواطن اسمه د.غنيم امتلك الشجاعة والوطنية والإخلاص فجعل من مركز الكلى منارة علمية طبية عالمية وبأبناء الفلاحين فى دلتا مصر، الفرق بين مؤسسة فاشلة وأخرى ناجحة هو الإدارة، الشعب كله يثق فى الأعمال المدنية التى تنفذها القوات المسلحة رغم أن الجيش لا ينفذ بنفسه هو فقط يتابع ويراقب ويشرف وأن الشركات المدنية التى تعمل معه هى نفسها التى تعمل مع أجهزة الدولة الأخرى ولكن الفرق كما قلنا الإدارة الناجحة هى التى تنهى أعمال الجيش فى أسرع وقت وبأفضل جودة عكس باقى الوزارات. إذن مشكلة مصر فى الإدارة وأن الممكنين لا يعرفون وأن العارفين غير ممكنين، وأن أكل العيش مازال هو شعار المرحلة وأن المناصب تمنح إما مجاملة للأصدقاء والأحباب أو مكافأة نهاية الخدمة حتى يحصل صاحبها على معاش ولقب وزير أو محافظ أو كيل أول ووكيل وزارة أو حتى مدير عام، تسكين الوظائف والمناصب فقط لأكل العيش لن يخلق تنمية أو يحقق نهضة، قال لى المفكر الكبير وخبير الإدارة العالمى د. طارق حجى إن هناك طريقتين لتقدم الدول الأولى البحث العلمى وهذا ما حدث فى أوروبا وأمريكا والثانية الإدارة الناجحة، حيث حققت للنمور الآسيوية تقدمًا سريعًا فى أقل وقت بفضل وجود قائد ناجح ثم عادت إلى الأصل وهو التعليم حتى تستمر نهضتها، والطريقة الثانية هى الأنسب لمصر حاليًا، فلدينا قائد وطنى محترم ولكن للأسف قد يتحمل أخطاء وتقصير معاونيه، أسوأ شىء فى الدنيا أن تجلس على الكرسى فقط من أجل أكل العيش وليس للإبداع ورفاهية الآخرين