رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبلة فاهيتا مؤامرة مشروعة "للصغار فقط"

جريدة الدستور

لن نصنع مجداً لإعلام لا يبالى بمشاهديه؛ ما يُطرح عبر الفضائيات أقل ما يُقال عنه ردَاءَة وانحدار، خطر جسيم يهدف لإنتاج جيل غير فعال، علامات استفهام حول ما آلت إليه الثقافة الإعلامية في هذا الوقت العصيب، والذي نحاول فيه انتشال مصر من مستنقع الإرهاب والدمار، ليظهر لنا تطرف من نوع جديد، أيادي خفية وراء برامج وأشكال لا نفهم فحوي ما تسعي إليه.
برنامج "أبلة فاهيتا" وما يحمله من ألفاظ ومضامين مَعيبة استهتار أم مؤامرة مشروعة؟

"للكبار فقط" عبارة تحفيزية وليست تحذيرية؛ فهي بمثابة ضوء متقد يستفز الصغير قبل الكبير.
"أبلة فاهيتا" من الوهلة الأولي يُخيل لك أنه اسم لبرنامج أطفال؛ الاسم الذي يذكرنا "بأبلة فضيلة".
"هيئة الدُمية" تلك اللُعبة التي نكافيء بها صغارنا، فضلا عن أنها تحتل الصدارة في قلوب الأطفال منذ زمن "بوجى وطمطم"؛ كل هذه الرموز التى تظهر ببرنامج "أبلة فاهيتا والدوبلكس" والتي تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي والشاشات الزجاجية والورقية، وتعتلى الكباري، هي بحق ودون أدني شك مؤامرة مشروعة؛ شرعها الإعلام المصري، ومتابعة طفل لتلك الدمية في ثوبها الإباحي لمدة عشر ثواني من شأنه إحداث تأثير سلبي وصحي خطير؛ فكيف الحال وهي تُحاصر يوميات أطفالنا!

برنامج بشهادت المجتمع المصري لا يحمل أي مضمون سوى السفاهة والإباحية؛ ولا سيما الصور والألفاظ المُخجلة، مخطط يعمل علي جذب الطفل بكل السُبل وهذا ما تهدف إليه أبلة فاهيتا (الأطفال)، مكيدة لتخريب عقول وأخلاقيات أولادنا (رجال ونساء الغد)، دسيسة لتدمير عادت وتقاليد وثقافة شعب، مؤامرة للأسف مشروعة؛ شرعها القائمون على الفضائيات، والتي تُذهب جهود علماء وأساتذة وصناع في هذه المرحلة إلى أدراج الرياح.

أول ظهور للدُمية كان في 2010 قبل ثورة يناير التي أحاطت بالرئيس مبارك ولم يلحظ أحد وجودها، وسطع نجمها في 2012 عقب تولى الرئيس مرسي الحكم؛ في مقطع فيديو لأغنية "هما أربع سنين"، وتوالت الإتهامات حول ماهية تلك الدمية وما تظهر به علي المشاهد، وقد أكد بعض النشطاء علي أنها تستخدم شفرات لإشاعة الفوضي والتخريب وخاصة بعد "إعلان شريحة المرحوم"؛ والذي أثار الجدل وقُدم علي إثره ضدها بلاغ للنائب العام؛ بالتجسس وإرسال شفرات لزعزة الأمن القومي، وبعيداً عن الأمن القومي، وخاصة للمعارضين حول ما نُشر عن "أبلة فاهيتا"، وبعد مشاهدتهم لبرنامج الدوبلكس- والذي يمثل المؤثر الصامت اللاواعي علي أطفالنا- هل مازال هناك شك في أنها حقاُ مؤامرة لهز عرش مصر! اللفظ الذي أطلقتموه إستنكارا وإستخفافا فور إتخاذ النيابة إجراءات للتحقق من الأمر.

وغدت الإشارات التي نراها عن المحتوي الثقافي والأخلاقي داخل الصرح الإعلامي مجرد تملق، وساد استخدام عبارات عديدة للتملص من المسئولية؛ (مثل للكبار فقط، غير مناسب للأطفال، يُشاهد تحت مراقبة الأباء؛ القناة غير مسئولة) من إذن المسئول؟ هل هم أولياء أمور الصرح الإعلامي من مقدمي البرامج والمعدين والمخرجين والمنتجين وغيرهم ممن يلعبون دور الضحية بعد أن أخلو مسؤليتهم بعبارة بلهاء! أم الرقابة التي تحيا محمومة؟!

وإن كانت الرقابة محمومة، والمسئولون عن الفضائيات وما يُبث فيها لا يعنيهم غير جني المال، فأنا يعنيني إبني وما تراه عيني. التحولات التي حدثت وتحدث في المجتمع المصري تجعل أبنائه أكثر وعي مما ذي قبل؛ وهو ما يجعلُني أقف علي منبر المشاهد الواعي أتسائل: "من وراء تلك الدُمية؟ ولماذا تساندها الفضائيات وتجعل منها قيمة وهي لا قيمة لها شكلاً ومضموناً؟ وهل من المنتظر إستمرار سلسلة المؤامرات التي تُطل علينا بها "فاهيتا" كل عام إما تحت مسمى كوميديا أو معالجة اجتماعية"؟

ولحين تحرُك الساكن من على فراشِه الحريري، وبحثه حول هذه التساؤلات؛ فما هي إلا تنبيهات لوضع خط أحمر تحت ما يمر من بين الأيادي مرور الكرام، فلم يعد السلاح الآلي قادرا علي غزو مصر؛ ومن ثم يتجه الغزاة إلى عقول أبناء الوطن.

أتوجه في أخر هذه السطور إلى الآباء والأمهات: الحذر كل الحذر من التيلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، بما أننا في زمن الغفو والعفو عن ما يعتلى المنصة الإعلامية؛ حيث إن شراهة المال تحول دون الضمير.
وإن كُنا الأن في زمن تربي جيله علي يد "أبلة فضيلة" وفينا الراشي والزاني والإرهابي، فما بالنا بالجيل الآتي والذي تتربع علي عرشه "أبلة فاهيتا"!