رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وكأنك يا بوزيد..


فى نفس اليوم.. وداخل هذه المساحة من الأسبوع الماضى كتبت مقالاً بعنوان: «لا.. لست رئيساً لكل المصريين».. ورجوت الرئيس محمد مرسى أن يكون رئيساً للجميع وليس لفصيل دون غيره قولاً وفعلاً.. وفى اليوم الذى يليه «الجمعة» رأيت فى ميدان التحرير ما لم أتمنه.. مع أننى أقسم بالله العظيم «3» متوقع.. جلست أمام الفضائيات أبكى على اقتتال الشعب الواحد.

باختصار شديد رأيت مشهداً فى منتهى القسوة.. نمط عدائى جديد لم أعهده من قبل على المصريين.. على الأقل بعد ثورة 25 يناير المباركة.. وحقيقة لم أعرف كيف انحرفت بوصلة الشعب إلى هذا الاستعداء ضد بعضهم البعض!!. وبمعنى أدق للتوصيف «لقد شاهدت حرباً أهلية حقيقية فى ميدان التحرير بين أهلى»!!

وحتى تتضح الأمور أكثر.. لابد لنا من مواجهة هذه الجريمة البشعة والكشف عن المخطئ فيها حتى ينال عقابه ويرتدع وإلا ستضيع مصر وتدخل فى نفق النموذج اللبنانى.. فمن سعى لوسيلة قمع الشعب بالشعب لابد أن يحاسب حساباً عسيراً.. وبكل حزم أقول إنه لم يعد مقبولاً أن نتحدث الآن عن الطرف الثالث.. أو كما سبق وذكرت لم نعد نقبل مرة أخرى تمييع الأمور وتفويت الفرصة على الجانى حتى يهرب من الحساب.

وهنا أطرح السؤال التالى على الرئيس محمد مرسى: ماذا يعنى سيادة الرئيس نزول جماعة الإخون المسلمين إلى الميدان يوم جمعة كشف الحساب؟!.. أليس من الأفضل أن تتجنب الجماعة الصدام مع أسر الشهداء وغيرهم.. حتى لو كان بينهم بلطجية كما سمعنا من قيادات الإخوان.. بسبب براءة المتهمين فى موقعة الجمل؟!.. وهل كلما أصدرت سيادة الرئيس قراراً.. مثل الذى قرأنا عنه بإقالة النائب العام تبادر الجماعة إلى الميدان لتأييد هذا القرار؟!

يا سيادة الرئيس.. إن الوضع أصبح خطيراً ولم يعد يحتمل.. فمصر بهذا الأسلوب ستدخل فى دوامة الصراعات الدموية إن لم نتدارك حقيقة ما نحن فيه.. فلدينا الآن دستور يعد .. يشكك فيه الكثيرون قبل طرحه للاستفتاء.. ولدينا برنامج المائة يوم التى وعدت بحل مشاكلنا فيه ولم يحل.. ولدينا مشاكل مستجدة على الساحة مثل الصدام مع القضاة ومشكلة سيناء وضعف الاقتصاد والبطالة والمرور.. وهذه المشاكل قد تعصف بالجميع فى أى وقت.. ولحظتها لا أستبعد ثورة حقيقية تحاسب المخطئ حساباً لا هوادة فيه .. ثورة لها قيادات ولها رأس.. وعند برنامج حقيقى ولا تخضع لأى جهة كانت.

ثورة من أبناء هذا الشعب بعيدة كل البُعد عن التيارات والجماعات والأحزاب المشكوك فى وعودها.

إن مصر الآن تتعرض لمخطط التفتيت بكل ما تحمله هذه الرؤية من معان.. ومن يساعد على تطبيق هذا السيناريو فلابد من ردعه بأى شكل كان.. وأقولها صريحة وأجرى على خالقى.. إن من يرعى الصدام المجتمعى لا يستحق أن يكون مصرياً.. وإذا كانت هناك فئة باغية فعلينا الرجوع لنص القرآن الكريم: «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين» سورة الحجرات الآية 90.

فكما تعاطفنا طويلاً مع جماعة الإخوان المسلمين أيام الانتخابات البرلمانية.. نختلف معهم اليوم.. وبداية هذا الاختلاف حدث منذ أن استولت الجماعة على الجمعية التأسيسية الأولى.. ومن قبلها مجلسى الشعب والشورى ثم تلا ذلك كل شىء فى الدولة.. فهل يعقل هذا الأسلوب يا جماعة الخير؟!.. وهل ما رأيناه يوم الجمعة الماضية فى ميدان التحرير يبشر بأى خير لهذا الوطن؟!

إن تصريحات قادة الجماعة بشأن أحداث ميدان التحرير فى جمعة «كشف الحساب» لا ترضى عدواً ولا حبيباً.. وكان الأفضل لمن هاجم منهم الغير أن يراعى شعور كل متظاهر وليس بلطجياً.. ذهب إلى الميدان لينعى حاله بسبب سوء الأوضاع التى يمر بها.. أو بسبب براءة المتهمين فى موقعة الجمل.. فهل يعقل عدم وجود قاتل لشهداء 25 يناير؟!.. «طيب إزاى»؟!.. هل كان بيننا شياطين فى الميدان هى التى قتلت شبابنا الأبرار؟!

إن ما يدمى القلب حقاً هو هذا النهج الذى اتخذته «الجماعة» منذ قيام الثورة مع الشعب بشكل عام.. والثوار بشكل خاص.. فبعد كل الأحداث التى مرت على هذا الشعب المطحون.. تعشم الجميع وحلم بالعدل والحرية والعدالة الاجتماعية.. لكن خابت الظنون وضاع الحلم وجاء الكابوس مزعجاً إلى حد اليأس.. فلا الأموال التى نهبها النظام البائد رجعت.. ولا القتلة نالوا جزاءهم.. ولا الفساد تراجع.. ولا حتى أرض الشعب التى سرقها اللصوص «باين عليها هترجع»!!.. و«علاوة» على كل ذلك تربص الكل بالكل.. وباتت المحروسة مهددة فعلاً بـ «حرب أهلية يا عنتر».. و«كأنك يابوزيد ما غزيت».

■ كاتب صحفى

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.