رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بورسعيد.. التهريب بالعكس


أقر وأعترف أننا نقوم بالتهريب.. وهذا أول اعتراف رسمى منى بذلك.. نعم نقوم بالتهريب من أسواق القاهرة ومخازنها ومن جميع المناطق والمحافظات الأخرى، حيث تتراكم جميع أنواع السلع بأرخص الأسعار حتى أنها أصبحت رخيصة جداً عن سعر تكلفتها.

وهى بضائع غير مدفوع عنها أى رسوم جمركية أو حتى ضرائب.. وتحمل نفس الماركات العالمية.. وأسعارها فى متناول الجميع.. لم تسأل الحكومة نفسها.. ولم يعلن أى وزير مختص رأيه فيما يحدث فى الاقتصاد الوطنى كله.. حتى أصبحت السوق محتلة بالكامل من بلدان السلع المستوردة وتتقدم تركيا والصين فى جميع الصناعات والسلع لم نسمع كلمة واحدة عن هذا الاغتيال المنظم للاقتصاد الوطنى.. حيث ترقد الآلاف من مصانعنا المغلقة فى مقابر المدن الصناعية..! كل ما نسمعه زعيق المسئولين فى وجه بورسعيد باعتبارها شماعة التهريب.. لقد أصبحت صناعة تحت السلم فى أسطنبول وشنغهاى مشانق اقتصادية تعمل على إعدام صناعتنا الوطنية.. لكن أين المسئولون؟!

لقد سمعنا مسئولاً حكومياً كبيراً يعلن عدم استيراد «فانوس رمضان» وأصبحنا نناقش ذلك فى كل أجهزة الإعلام.. كما لو كان هذا الفانوس هو «فانوس علاء الدين» لقد قلنا 100 مرة إن التهريب النفسى أصبح يمثل خطورة شديدة على الوطن كله! إن المناطق الحرة الخاصة ومناطق إعادة التصدير والموانئ الجافة أصبحت تمثل خطورة على الوطن أكثر 100 مرة من قنابل الإخوان! المعروف أن الحصص الاستيرادية فى بورسعيد والتى تعمل بالاستيراد برسم المدينة الحرة لم يتم التعامل بها حتى الآن إلا بقدر ضئيل للغاية.. إذا من الذى هرب هذه البضائع المدمرة للاقتصاد الوطنى!! لا يوجد مسئول واحد يستطيع أن يعلن الحقيقة المؤلمة عن احتضار صناعتنا الوطنية!! مثال حديث جداً.. مصنع بويات بالعاشر أُغلق مؤخراً بعد أن وجد أصحابه أن الإنتاج الأجنبى المستورد بالأسواق أرخص 50% وأعلى جودة مما ننتجه نحن.. حيث يتحمل المصنع التكلفة من اجور ومواد خام وكهرباء وجميع المستلزمات ورسوم وضرائب وتأمينات.. وتأتى البضائع المستوردة خالية تماماً من أى أعباء.. أغلق المصنع أبوابه وطرد عماله.. ويعمل الآن مصنع شنغاهاى وعمال أردوغان على حساب الاقتصاد المصرى..!

كل المصانع المغلقة هكذا وممكن أن يخرج علينا الآن رئيس الوزراء والوزراء المختصون ليعلنوا أنهم قرروا صرف دعم لأصحاب هذه المصانع!! إننا نقول لهم جميعاً كل أموال العالم لن تستطيع تشغيل مصنع سوقه محتل!! إن الحكومة المصرية تخلت تماماً عن حماية الصناعة الوطنية.. إذا سألت أى مسئول عن استهلاكه اليومى.. سيجيبك بصوت عال «إنه تركى» دون خجل أو حتى احمرار لوجه!! البعض يعتقد أننى أدافع وأنحاز لبورسعيد.. هذا البعض لا يعترف بالوطنية فهو يعتقد أن بورسعيد هى جريمة التهريب.. لكن نسألهم.. السؤال المتكرر من أين أتت جميع أنواع السلع فى كل المحالات وعلى الأرصفة؟! ونحن لم نستورد خلال عامين.. أى أننا ندافع عن وطن واقتصاده وعن سوقه وعن ملايين الشباب العاطل عن العمل وعن آلاف المصانع المغلقة.. هكذا علمتنا المدينة الباسلة! لقد رفعت اليابان بعد تدميرها بالقنابل الذرية شعار «التصدير أو الموت».. وأنتم يا أصحاب التهريب الرسمى وحكومتكم ترفعوا شعار «الاستيراد حتى الموت».. هذا هو رأينا فيكم ونعلم تماماً رأيكم فينا!! إن بورسعيد تقوم الآن بالتهريب من ميادينكم ومخازنكم ويعود المهربون من القاهرة إلى بورسعيد كى نبيع السلع أغلى سعراً مما تبيعونه فى القاهرة! هكذا نقول لكم ونعترف رسمياً أننا نهرب من تهريبكم الكبير.. نعم نقوم بالتهريب من القاهرة إلى بورسعيد أننا نهرب بالعكس! إننا نطالب بوضع منافذ جمركية على مداخل القاهرة والقنطرة وكل المدن المصرية حتى لا نمارس التهريب دون دفع رسوم جمركية.