رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حافظوا على إعلام الخدمة العامة


يعلن بين لحظة وأخرى مشروع هيكلة اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى تواترت أخبار عنه أو خرجت تسريبات بشأنه ولن أخوض فى مناقشته إلا بعد صدوره رسميًا لكنى أرى أنه من واجبى التنبيه على أمر ناقشته مرارًا فى مقالات سابقة وهو عدم المساس بإعلام الخدمة العامة على إعتبار أنه الإعلام الذى يقدم خدمة للمتلقى ولا ينتظر عائدًا ماديًا سريعًا بينما عائده الأكبر فى بناء وجدان الأمة وفى قدرته على تقديم الحقائق مراعيًا دائمًا المصلحة العامة كإحدى القيم التحريرية الملتزم بها أى إعلامى مهنى يمتلك أدواته ويحترم نفسه قبل احترام مهنته. وهذا النوع من الإعلام موجود فى كل دول العالم مهما اختلفت نظمها السياسية وعقائدها المذهبية حتى الولايات المتحدة رائدة الرأسمالية والنزعة الفردية فى العالم نجد شكلاً من أشكال إعلام الخدمة العامة فيما يتعلق بالأخبار فهناك مصدر وحيد لاخبار الدولة يتمثل فى وكالة الـ «UPTN» تمد كل القنوات والخدمات الإذاعية بالاخبار ولا نستطيع أن نتجاهل محطة «BBC» فى بريطانيا تقدم خدمة عامة ولا تملكها الحكومة إنما الذين يملكونها هم دافعو الضرائب «المتلقون» من خلال الإشراف المباشر من قبل مجلس العموم أو البرلمان. فى مصر أُلغيت وزارة الإعلام ونص الدستور على إنشاء المجلس الوطنى للإعلام المرئى والمسموع وأشرت أكثر من مرة إلى ضرورة حل مشكلات ماسبيرو قبل اتخاذ وتنفيذ قرار إنشاء المجلس الوطنى للإعلام لأنه أى إعلام الخدمة العامة الذى يمثله اتحاد الإذاعة والتليفزيون هو رمانة الميزان لضبط إيقاع الإعلام المصرى الوطنى سواء كان عامًا أو خاصًا ولا يتم التعامل مع «ماسبيرو» على أنه رجل مريض يجب التخلص منه بما يمكن تسميته «رصاصة الرحمة». والحقيقة أن المهندس إبراهيم محلب - رئيس الوزراء - يتفهم ألا نصل إلى هذه النقطة وكل الشواهد تشير إلى أن الرجل منحاز لإعلام جماهير المصريين وحريص على وقف حالة الفوضى الموجوده على الساحة الإعلامية بما فيها حالة الابتذال والتدنى القيمى والأخلاقى السائدة تحت شعار «الحرية الإعلامية» الأمر الذى يطمئن على مستقبل إعلام الدولة فى القترة الحالية وإن كنت أرى أننا لا نحتاج ضمانة شخصية من المهندس «محلب» بقدر ما نحتاج إلى ثوابت تعكس قواعد ونظم لا تتغير بتغير الأشخاص، خاصة أننا مقبلون على انتخابات برلمانية وترك الوضع بلا تحديد للبرلمان سيدخلنا فى دائرة مفرغة ولن نصل إلى حلول عملية تنقذ الإعلام المصرى من الأمراض المستشرية فيه، وسوف أشير إلى مثلين صارخين وهما سيطرة الإعلان «بالنون» على الإعلام «بالميم» وشتان بين النون والميم, حيث يتحكم المعلن أو الوكالة الاعلانية فى المحتوى الإعلامى ولا يخضعها لأى معايير مهنية أو قيم تحريرية ما يهمه تقديم شكلاً مبهرًا وموضوعًا مثيرًا!! ومن أمراض الإعلام أيضًا عدم الفصل بين ملكية المؤسسة الإعلامية والإدارة بحيث يصبح مالك المحطة هو المتحكم فى السياسة التحريرية لأنه صاحب رأس المال الذى يمنع أو يمنح ومن هنا يسير العاملون على هواه ومن يتقاطع معه عليه الانسحاب من الصورة والنماذج واضحة وضوح الشمس على ساحة الإعلام الخاص ولذلك يصبح من الضرورى وجود إعلام عام هدفه الخدمة العامة لا تسيطر عليه الحكومة لكنها تضمن له كل عوامل نجاح رسالته فى خدمة الشعب ويضرب المثل للإعلام الخاص فى عرض الأفكار البرامجية الإبداعية غير المبتذلة التى تعالج قضايا المجتمع بكل جرأة وموضوعية ولا ينساق وراء رغبات الوكالات الإعلانية أو مالكى القنوات الفضائية هذا هو إعلام الخدمة العامة الذى يقتحم مشكلات التنمية والحداثة ويعلى من الإيجابيات ويبرز السلبيات ليتجنب تكرارها.