رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السلطة والإرهاب الأسود ..


فى الحديث عن الإرهاب شجون كثيرة .. ارتبطت جميعها بالحياة فى مجتمعات يفقد فيها الانسان الإحساس بكرامته الإنسانية.  وتتغيب عنه " عمدا"  كافة القيم المتعلقة بالمواطنة .. ويُوقِن فيها المواطن أن الإحساس بالعدل قد مات .. غير أن كل هذه الأحاسيس المفقودة لن تثنيه عن رغبته فى الحياة .. الحياة بمعناها الواسع، الذى يتجاوز حق بقاءه " حيا " ولو فى مجتمع "مات "فى ناظريه منذ سنين ..!!
ومن هنا يصبح " الإحساس بالظلم " هو المهندس الفعلي لعمليات الإرهاب الأسود  .. كما يصبح الشعور بالحرمان هو الطاقة الدافعة لارتكاب كل ما هو خارج عن " القانون "، وربما لكل ما هو خارج عن " العُرف" .. !!
وفى سعى هذا الانسان للكفاح من أجله "بقاءه" واستعادة "كرامته" المسلوبة بفعل أنظمته الفاسدة .. التى نجحت بامتياز فى تزوير " إرادة " الوطن كما نجحت بنفس الدرجة فى تزوير " أصوات" الناخبين .. يستعين هذا الإنسان بكل المبررات التى تعطيه الحق كاملا فى أن يكون " خصما" للمجتمع الذى يعيش فيه .. بل والذى فشل لسنوات طويلة هو وأسرته فى التعايش معه .. ويرتبط بعض هذه المبررات  بـ" إراحة الضمير" بينما يرتبط البعض الأخر بـ" بشرعية" الخروج على الدولة ..!!
أما ما يرتبط بإراحة الضمير فغاليا ما يُستقى من كتب الديانات التى حرف المتطرفون نصوصها؛ لتتلاءم مع الذين يستخدمونه لمساومة الحكومات على تقاسم السلطة. أو لإخضاعها لرفض أو قبول قرارات معينة تخدم مصالحهم، حتى وإن كانت خارج الحدود .. !
وهنا تصبح الأمية خطرأ ويصبح الجهل كارثة .. فكلما ارتفعت معدلات الجهل كلما سهلت عمليات تجنيد البسطاء فى عصابات إجرامية واهمة .. فلا نتعجب عندما لا نسمع صوت للإرهاب فى فرنسا أو بريطانيا أو الإمارات أو السويد أو اندونيسيا أو البرازيل أو فنلندا..  وهى من أكثر الدول انخفاضا فى معدلات الأمية والبطالة فى العالم ..! فى الوقت الذى نراه يضرب بجذوره فى ليبيا ومصر واليمن والصومال وأفغانستان .. وهى أيضا الدول التى ارتفعت فيها معدلات الأمية لتتجاوز 50 % وارتفعت فيها معدلات البطالة لدرجة جعلت الباحثين يوقنون بأنه " أينما وَلَّت البطالة وجهها .. سبقتها الجريمة إلى هناك "
والقضية إذن ليست فى حرق مؤلفات أو فى حظر نشرها .. فهذه المؤلفات موجودة منذ مئات السنين وفى دول عديدة. فلماذا وقع الإرهاب الآن..؟ ولماذا وقع فى دولة دون أخرى ..؟ فالقضية تكمن فى "الأمية" لشعوب سُلِبت منها " إرادتها "؛ عندما سُلِبت منها " قدرتها " على القراءة والتفسير ..!
ورغم أهمية الأمية كباعث أساسي للإرهاب؛ إلا أن إجرام السلطات العمومية لا يقل أهمية .. فعادة مايقاوم العنف بـ" العنف "كما يقاوم الفساد بـ" الثورة" .. وعندما تمتلك الدولة السلطة المطلقة فى توزيع عوائد التنمية لتضعها فى يد حفنة من المقربين.. وعندما تفسح المجال لأنصاف" الموهوبين؛ فيتقلدوا أرفع المناصب .. فاعلم جيد أن  الاعتماد على الحلول " الأمنية" ربما يجعل الإرهاب " فى بلداننا مشروعاً"..!

[email protected]