رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأبنودى والسيسى.. ومحمد على


تابعت حديثاً متلفزاً للمغفور له بإذن الله الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى كان قد سجله بعد إجراء الانتخابات الرئاسية فى 2014 عقد فيه مقارنة بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ومحمد على بانى مصر الحديثة وربما أراد الخال أن يستشرف الزمن القادم من واقع مصر فى القرن التاسع عشر وفى القرن الحادى والعشرين وهى رؤية شاعر وأديب للتاريخ بغض النظر عن الاختلافات الجوهرية بين الشخصيتين فقد أراد الأبنودى أن يقول إن إنجازات السيسى العسكرية والسياسية و الاقتصادية تتشابه بين النموذجين رغم الفارق الزمنى الذى لا يتعدى 200 سنة ونيف فقد تولى محمد على حكم مصر عام 1805، فى حين تولى عبد الفتاح السيسى حكم مصر فى عام 2014 إذن ماهى أوجه التشابه بشكل محدد؟

كلاهما جاء بعد ثورة الأول تسلم مقاليد السلطة لكن دون انتخابات ديمقراطية لكن بإرادة شعبية عقب ثورات القاهرة التى تلت الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت «1798 –1801» وكان «الأزهر» فى ذلك الوقت له دور سياسى تنويرى فاعل ومؤثر فى الواقع المصرى فسلم نقيب الأشراف عمر مكرم ومشايخ الأزهر حكم البلاد لمحمد على باشا رغم أنه غير مصرى الأصل بعد أن طغى المماليك وتغولوا فى ربوع مصر من الوجه البحرى إلى الصعيد، أما السيسى مصرى الأصل جاء بعد ثورة 30 يونيه 2013 التى استعادت ثورة يناير المخطوفة من أيدى جماعة «الإخوان» التى تغولت بعد أن وصلت إلى السلطة وهنا يبدو التشابه واضحاً بين المماليك والإخوان مع نقطة اختلاف بين سلوك الرجلين تجاه الطرفين، حيث تخلص محمد على من المماليك بتدبير مذبحة القلعة الشهيرة عام 1811، لكن السيسى لم يستخدم الأسلوب نفسه للتخلص من الإخوان كل ما فعله أزاحهم عن السلطة وقدم للمحاكمة كل من ثبت منهم تورطه فى جريمة أو جرائم يؤثمها القانون. فى عهد محمد على هرب بقايا المماليك ممن نجوا من مذبحة القلعة، وفى عهد السيسى هرب بعض بقايا الإخوان من الوقوع فى قبضة العدالة. فى القرن التاسع عشر كانت مصر تحتاج إلى الاهتمام بالحداثة على الأصعدة كافة وليس فقط بناء جيش قوى يلبى طموحات محمد على أما السيسى وافق على ترك منصبه العسكرى وانتقل إلى الحياة المدنية بناء على رغبة الجماهير ثم أصبح رئيساً للجمهورية فى فترة كانت مصر تحتاج أيضا إلى البناء بعد سنوات تعطلت فيها آلة الإنتاج بسبب الثورات وتعرض الاقتصاد المصرى لهزات عنيفة وتراجع معدل النمو إلى أدنى مستوياته، لكن إذا كان «محمد على» عندما تسلم حكم مصر ولم يكن لديه جيش قوى فإن السيسى كانت لديه مؤسسة عسكرية قوية ومستقرة حالت دون انهيار الدولة المصرية التى تآمر عليها البعض وراهن على سقوطها بعد ثورة يناير خاصة عندما ظهرت شواهد عملية اختطافها، ويكفى القول إن الجيش المصرى العظيم يحتل المرتبة الأولى بين الجيوش العربية وعلى مستوى العالم يحتل المرتبة الثانية عشرة. محمد على اهتم بإرسال بعثات علمية للخارج وطور الصناعة والتجارة ونظم الرى والزراعة وخطت فى عهده مصر خطوات حثيثة على طريق التنمية والتقدم وكان يملك العقول التى تدله على الطريق الصحيح. أما الرئيس «السيسى» فجاء الحكم ولم يكن لديه أى مؤسسة مستقرة سوى المؤسسة العسكرية عدا ذلك تعانى كل مؤسسات الدولة مشكلات نتيجة عوامل مختلفة منها وأهمها الفساد ولم يكن لدى الرجل غير إيمانه بالله وإرادته الحديدية واحتياجه إلى بطانة صالحة تساعده على الخروج من نفق مظلم قادتنا إليه قوى الظلام ونتطلع إلى نقلة نوعية تقود مصر إلى آفاق جديدة من التنمية والحداثة.