رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أخطأتم ولا تزالون


جميل جداً أن يعترف الإنسان أو الجماعات أو الأحزاب بالخطأ، والاعتذار عن الخطأ جميل. لكن الاعتراف بالخطأ له مقتضيات عديدة، وخصوصاً إذا كان الخطأ فادحاً أو كارثياً فى حق المواطن أو الشعب، أو لحق أيا من الضرورات الخمس؛ وهى الدين والنفس والعقل والمال والعرض أو «النسل»...

أقول هذا المقال بعد أن نشرت بعض وسائل الإعلام يوم 22/4/2015 أن الدكتور أحمد عبد الرحمن، مسؤول مكتب الإخوان المصريين بالخارج قال: «إننا أخطأنا فى حق الشعب المصرى ونعتذر عن ذلك. ثم أضاف: وأنه تتم مراجعة جذرية فى الفكر والقيادة وأسلوب عمل الإخوان. وأضاف قائلاً: إننا نتبنى النهج

الثورى بعد أن أخطأنا فى انتهاج النهج الإصلاحى».

يقول المصريون «جه يكحلها عماها». وهذا المثل للأسف ينطبق على ما قاله الدكتور أحمد عبدالرحمن تماماً. وبصرف النظر عما قاله من ناحية محتواه ومضمونه، وعمن يعبر هذا القول، وعن أى جناح داخل الإخوان المصريين يتحدث، بعد تعدد الأجنحة، ولا عن أى فكر، هل هو الفكر القطبى أوالفكر البناوى أو غيره من الفكر المختلط. هل يعبر الرجل عن القيادة الهاربة أم التى فى السجون؟ أم يعبر عن الشباب المحبط أم عن شباب الإخوان الداعشى مثل أحمد المغير ومن على هذا النهج. وبصرف النظر عن خلفيات الدكتور أحمد عبدالرحمن، الأسرية والإخوانية والسياسية، وتقوقعه بعيداً حتى عن المشاركة فى مظاهرات القوى السياسية بالمحافظة «الفيوم»، - كما يقول من عرفوه - إلا بالأمر، شأنه شأن الإخوان فى القاهرة والإسكندرية وغيرهما من المحافظات قبل الثورة، فكيف يقرر أن النهج الإصلاحى خطأ، وأن الإخوان سيتبنون النهج الثورى فى المستقبل. القرآن الكريم يقول على لسان الأنبياء «إِنْ أُرِيدُ إِلاّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ» أم أنهم آمنوا بالثورة الدينية التى قال عنها السيسى؟. الأخطاء القاتلة التى وقع فيها الاخوان، أثرت على الإخوان أنفسهم فلم يعودوا فى مصر كياناً واحداً مهما جرت انتخابات سرية، ومهما كانت هناك اجتماعات سرية تعرض الناس للخطر بعد أن كانوا فى كرسى الحكم. هناك الإخوان الذين اسميهم «الإخوان الداعشيين» هؤلاء يدمرون لا يعرفون المنهج الإصلاحى ولا المنهج الثورى. سوء الأدب والخلق والكذب الذى يراه الناس فى قنوات الإخوان الإعلامية والقنوات الداعمة وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، لايمكن أن يجرى معه تصنيف هؤلاء على أنهم أصحاب دعوة، أو مروا بتربية حسنة، وإعداد إسلامى وسطى صحيح أم أنهم من الثوار؟.

وهناك قسم من الإخوان يهاب الانتظام مرة أخرى وخصوصاً فى إطار العمل السرى. هل يدرك هذا الدكتور أحمد عبدالرحمن؟، والقسم الثالث لم يثق فى القيادة أو بعضهم. ولا يريد أن يشترك فى العنف الذى تشجعه القيادة أو بعضهم، ومكتب المصريين بالخارج يختص كما جاء فى الخبر، بإدارة الحراك خارج البلاد ضد السلطات الحالية، ولا يفهم هؤلاء حتى بعد حوالى سنتين من الثورة عليهم وهم فى الحكم، عندما لم يستجيبوا لتغيير حكومة قنديل، ولا عندما طالب الشعب بانتخابات رئاسية مبكرة، لم يفهموا، أن معظم الشعب قد اختار الرئيس السيسى زعيماً قبل أن يكون رئيساً بالانتخاب. ووافق الشعب على الدستور. ولم يبق إلا الانتخابات التشريعية حتى تكتمل خارطة الطريق. هناك من ينتقد الأخطاء بقوة فى الداخل، وهذه ميزة من مميزات الثورة.

أما إعادة هيكلة مؤسسات الجماعة ومنابرها المعبرة عنها لتكون فى خدمة ثورة الشعب المصرى ومواكبة لطموح قواعدها – كما جاء فى الخبر - فلماذا لم تكن الإخوان وهم فى أوج القوة فى خدمة ثورة الشعب؟ وقد مرت سنة كاملة عليهم فى الحكم لم يستطيعوا حتى استكمال ملف الشهداء والجرحى، ولا الاهتمام اللائق بالثوار، وقد انصرفوا مبكراً من ميدان التحرير، رمز الثورة الحضارية المجيدة، ولم يستطيعوا كذلك إبراز الأدلة الجديدة التى قال عنها مرسى ضد مبارك، حتى إن النائب العام الإخوانى أهمل تقديم أى أدلة جديدة إلى أن انتهت مدة الستين يوما لتقديم الأوراق. أى نهج يا دكتور عبدالرحمن؟ أنصحكم بالابتعاد عن السياسة تماماً على الأقل عشر سنوات وأن تعودوا - عملاً لا قولاً - الى حضن الشعب، والكف عن البذاءة الإعلامية وتشويه سمعه مصر، فلعل الشعب فى المستقبل يثق فيما تقولون وفيما ستعملون. الصراع يا مولانا والاستعانة بالخارج لا يأتى أبدا بخير أين ما تقولون من «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»؟. والله الموفق.