رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جلسات الصلح العرفى إهدار للقانون


جلسة الصلح العرفى هى محاولات ودّية لتهدئة نزاع أو خلاف، وإنهاء حالة التوتر ورغبة الانتقام أو الثأر التى تنتاب المتنازعين، وتلجأ الدولة لهذه الجلسات أحياناً لفض النزاعات فى ظروف تعجز فيها عن تطبيق القانون مثل نزاعات الثأر والشرف والطائفية فى الصعيد وبعض المناطق الشعبية، وتأتى هذه الجلسات كبديل للمحكمة ويستبدل فيها أحكام وإجراءات الدستور والقانون بأحكام وإجراءات عرفية جائرة لا تراعى مبادئ العدالة ولا تحفظ الحقوق الإنسانية والدستورية للمواطنين، فأحكام مثل النفى، والتهجير، والتجريس، والغرامات المالية الضخمة التى تقدر بصورة عشوائية، والشروط التعسفية لبناء الكنائس هى أحكام أبعد ما تكون عن العدل والحق، كما أن المُحاكم فى هذه الجلسات يحرم من حق الدفاع عن نفسه مع غياب شبه كامل لما يجب اتخاذه من إجراءات تحقيق حول النزاع والأحداث التى وقعت فيه، وغالباً ما تخضع الأحكام فى هذه الجلسات لأهواء الأطراف المسيطرة سواء كانت عائلة أو قبيلة أو طائفة دينية، ويتم الضغط على الجانب الأضعف ومحاولة إقناعه بالترهيب ليتنازل عن حقه، ومع الأسف تجرى بعض هذه الجلسات وفيها أطراف رسمية حكومية ما يضفى صبغة شرعية زائفة عليها ويرسخ لمنطق هدم سيادة القانون ويخلق دولة داخل الدولة . وتطالعنا الصحف من وقت لآخر بأخبار مثل هذه الجلسات وأحكامها الجائرة فى معظم الحالات، دون أن تهتز لذلك أى سلطة معنية بتحقيق العدالة وضمان حقوق المواطنين الإنسانية والدستورية، ولأن تقنين الظلم يغرى بظلم أكبر فإن هذه الأحداث والجلسات المرتبطة بها تتكرر، ولعل أحداث مركز سمالوط بالمنيا خير دليل على ذلك، الرئيس عبدالفتاح السيسى يوجِّه بإنشاء كنيسة تخليداً لذكرى الشهداء المصريين الأقباط فى ليبيا، لكن قوى الشر من التيار السلفى تحركت وانطلقت فى مجموعات ترهيبية، تطلق النار، وترشق بالمولوتوف، وتهاجم منازل الأقباط، وتهتف بالطول والعرض مافيش كنيسة على الأرض، ثم نسمع مع الأسف والألم عن جلسة عرفية جديدة للمصالحة والتحكيم العرفى، والإذعان لهذه الفئة الضالة وشروطها المجحفة فى تحدٍ واضح للدستور والقانون وسلطة الدولة وهيبتها، ولأمر رئاسى مباشر واجب التنفيذ . أين العدل والحقوق الإنسانية والدستورية ؟ وأين سيادة القانون ؟ وأين هيبة الدولة ؟ من أولئك الذين استباحوا لأنفسهم تحدى الدولة، وتعطيل قرار رئيس الجمهورية، وطرد المواطنين الآمنين من مساكنهم وتهجيرهم وحرمانهم من حق بناء دور العبادة؟