رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما هو الفساد؟!


 بمناسبة تعيين رئيس جديد للرقابة الإدارية للهيئة المعنية بمكافحة الفساد يجب أن يكون هناك تعريف حقيقى للفساد؟ هل هو الحصول على رشاوى مقابل تسهيل الاستيلاء على المال العام؟ أو قيام موظف بفتح خزانة الدولة وأخذ أموال منها؟ هل الفساد فقط هو توريد أجهزة وأطعمة فاسدة أو مغشوشة للدولة بهدف تحقيق أكبر قدر من المكاسب؟ هذا من وجهة نظرى أقل أنواع الفساد، لأن هناك حالات كثيرة للفساد نتائجها كارثية على البلد، فمثلاً تفضيل أهل الثقة والأصدقاء على أهل الخبرة فى تولى المناصب هو فساد، وكذلك منح الوظائف المهمة كمكافأة نهاية خدمة، لأنه يؤدى إلى انهيار الدولة وكان سببًا فى سقوط النظامين السابق والأسبق. وقد كتبت عن ذلك قبل وبعد الثورتين مستشهدًا بواقعة المسئول الروسى عميل المخابرات الأمريكية والذى تسبب فى تفكك الاتحاد السوفيتى، حيث كان يفضل أسوأ العناصر لتولى المناصب وحُكم عليه بالإعدام لأنه ارتكب فسادًا كبيرًا باختياراته السيئة، الإنفاق الحكومى ببذخ وسفر المسئولين كثيرًا للخارج دون فائدة تعود على الدولة هو فساد، كذلك حج الصحفيين والإعلاميين وكبار المسئولين على نفقة الدولة، وأيضا علاجهم وعلاج القادرين، الفساد هو ارتفاع الأسعار دون الأجور يجعل كثيرًا من المواطنين يلجأون إلى أساليب غير مشروعة لتلبية احتياجاتهم الأساسية، الفساد هو استبعاد المتفوقين من التعيين فى الوظائف المهمة «الجيش – الشرطة - القضاء - الخارجية» بسبب ظروفهم الاجتماعية، عدم تواجد كبار الأطباء فى المستشفيات الحكومية واستغلالها لخدمة عيادتهم الخاصة هو فساد، كذلك خلو المدارس من الطلاب والمدرسين بعلم المسئولين، الفساد هو تحقيق الإنجازات على الأوراق فقط، وما يحدث فى زيارات كبار المسئولين من إهدار للمال العام وغش وتدليس، الفساد هو عدم تطبيق القانون على الجميع وانتشار الواسطة والمحسوبية وعدم المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين فى الحقوق والواجبات، الفساد هو أن يسخر المسئول منصبه لتحقيق مكاسب خاصة ويسىء استخدام الممتلكات العامة، وأن يضع المصلحة العامة فى مرتبة أدنى من مصلحته الشخصية، الفساد هو احتكار حفنة قليلة من التجار والمستوردين للسلع الاستراتيجية وتركهم يتحكمون فى المواطنين، وعدم حماية الفئات الضعيفة والمهمشة وعدم توفير الحد الأدنى من العيشة الكريمة لهم، الفساد هو استيراد الأغذية الفاسدة والأدوية والتقاوى والبذور وكذلك تلوث الطعام والشراب تحت أعين المسئولين، مما يؤدى لانتشار الأمراض السرطانية، هذه بعض نماذج الفساد الذى يهدد استقرار المجتمع ولم تكن هناك إرادة سياسية للقضاء عليه فى السابق حتى ضرب بجذوره فى كل مؤسسات الدولة وطال بعض الأجهزة التى تكافحه، ولكننى اليوم على ثقة أن من أولويات الرئيس السيسى القضاء على الفساد لأنه عدو الاستثمار ويعيق التنمية والتقدم، تمنياتى بالتوفيق للقيادة الجديدة لجهاز الرقابة الإدارية فى منع وقوع الفساد فالوقاية أفضل وأرخص من العلاج، حتى نستطيع إنقاذ سمعة مصر التى تحتل مركزًا متقدما ليس فى التعليم والاقتصاد بل فى الفساد رغم كثرة الأجهزة التى تكافحه