رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الأبنودي" وعلاقته برؤساء مصر.. معارض ومؤيد ومؤمن بحذر

عبد الرحمن الأبنودي
عبد الرحمن الأبنودي

الأبنودي" يؤيد ثورة يوليو ويتذوق سجنها.. وقصائده مدفعية في وجه السادات ويحذر مبارك من الثورة .. وقصيدة " الميدان" تشعل الثوار في 25 يناير
غاوي سياسة بأسلوب سحر الجميع، تطرق من نظام سياسي إلى آخر، في انسيابية كلمات لا تضاهي، إنه الخال "عبد الرحمن الأبنودي".
كلماته كانت السلاح الذي عبر من خلالها عن الشعب المصري بانتصاراته وانكساراته، لخصت تاريخًا طويلا من الأحداث السياسية، منذ ثورة يوليو 1952 وحتى ثورة 30 يونيو 2013.
محطات " الأبنودي" السياسية كثيرة، ومرتبطة بشكل كامل بتغير الاتجاه السياسي، إما معارضًا أو مؤيدًا أو مؤمنًا بحذر.
ثلاث ثورات شهدتها الدولة المصرية، اختلفت معها اتجاهات "الأبنودي" فآمن بإنجازات ثورة يوليو لكنه ذاق طعم سجونها، أعجب بثوار يناير وانقلب على أغلبهم بعد 30 يونيو، كما أنه لم يكن معجبًا بألاعيب السادات وعارض كامب ديفيد.
ثورة يوليو وعبد الناصر..
كان "الأبنودي" من أشد المؤمنين بانحيازات ثورة يوليو 1952، آمن بتوجّهاتها القومية، فكان صوتًا لها، اتحد مع صوت الغالبية من الشعب المصري في مسارها، ورغم ذلك تذوق طعم سجون نظام يوليو.
قال عن تجربة السجن "عند اعتقالنا لم توجه لنا تهمة، وفترة الاعتقال كانت جميلة، ولو كنا نعلم بحلاوتها لطلبنا الاعتقال بأنفسنا".
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالنسبة له زعيم ملهم، كتب فيه قصائد كثيرة لكنه يرى أن الأزمة كانت تكمن فيمن أحاطوا به.
نظرة شاعرنا الكبير لعبد الناصر مختلفة تماما فهو يقول "لا ننسى أن عبد الناصر هو الذي قال "ارفع رأسك يا أخي..انتهى عهد الاستعباد".
ورد علي الهجوم على عبد الناصر قائلا " يا من تهاجمون عبد الناصر قولوا لنا: ماذا فعلتم؟ لولا عبد الناصر ما استطاع الفقراء من أمثالي أن يتعلموا.
السادات..
في أول عهد الرئيس الراحل أنور السادات لم تكن هناك أزمة حقيقية في موقف الأبنودي من السادات، فوقت وقوع حرب أكتوبر كان في إنجلترا، وبعد انتهاء الحرب، اتصل المخرج الراحل محمد سالم بالأبنودى، وأبلغه أن " جيهان السادات" حرم الرئيس تريد منه العودة إلى القاهرة، من أجل أن يقوم بإلقاء قصائده في احتفالات النصر، واعتذر الأبنودي، ليعيده عبد الحليم حافظ وكمال الطويل في أغنية "صباح الخير يا سينا".
وشهد عام 1975، بداية توتر العلاقة بين السادات والأبنودي، في مقابلة جمعت بينهما، ومد الأبنودى يده ليسلم على الرئيس السادات، وكانت الطاولة بينهما طويلة بحيث يضطر الخال للانحناء أثناء المصافحة، وهنا ظهر مصور من العدم، والتقط تلك الصورة أثناء مصافحة الخال للسادات وهو منحنى، ويقول الأبنودى في هذا الشأن إنه أحد "ألاعيب السادات".
انضم الأبنودى بعد هذا اللقاء إلى حزب التجمع، فغضب السادات، ليصبح الخال بعد ذلك من رواد "أمن الدولة" الدائمين.
كامب ديفيد..
لم ينجح نظام السادات في اجتذاب " الأبنودي" للموافقة على اتفاقية كامب ديفيد، فكان له موقف مضاد من الاتفاقية وأصحابها.
توترت العلاقة أكثر وأكثر بين السادات والأبنودي، حتى أنه في فبراير 1981 ألقى في عيد الطلاب قصيدته "المد والجزر" التي تنبأ فيها بمقتل السادات، وفى نفس التوقيت كتب قصيدته "لا شك أنك مجنون"، وصارت قصائد الأبنودى بمثابة المدفعية الثقيلة التي تواجه نظام السادات.
ارتاح الأبنودى بعد رحيل السادات، وقال عن هذا "كنت حاسس إن رحيله في الوقت ده نعمة، بغض النظر عن إنه اغتيل، لأني ضد الاغتيال.
مبارك وثورة يناير..
كتب " الأبنودي" كثيرا من أوبريتات احتفالات الرئيس المخلوع حسني مبارك، كانت العلاقة بين الرجلين عادية وفاترة غير مشحونة، ولكنه كتب في الوقت ذاته ديوانه "المشروع والممنوع"، والذي مثّل صرخة انحياز للناس ضدّ القمع والسلطة، ورفض الدولة المركزية ومشروعات الزعامة، وكان الخال ضمن كثير من الكتاب الذين حذروا النظام من الثورة، لكن النظام لم يكن يسمع إلا نفسه .
قامت الثورة، وانتشرت قصيدة الأبنودى "الميدان" في ميدان التحرير بشكل لم تسبقه إليه أي قصيدة، وكان الثوار يحفظونها ويرتلونها، فكانت تلهبهم الحماس والقوة، وزادتهم إصرارا خصوصا في مقطع "آن الأوان ترحلي يا دولة العواجيز".
كذلك غنّى الفنان على الحجار من كلمات الأبنودي أكثر من أغنية للثورة منها ضحكة المساجين.
الإخوان وثورة 30 يونيو..
كان الأبنودي مُعارضًا لحكم جماعة الإخوان طوال العام الذي تواجدت فيه في سُدّة الحكم، وانتقد سياساتها وممارساتها بشكل علني، وانحاز إلى ثورة الثلاثين من يونيو وأعلن دعمه للرئيس عبد الفتاح السيسي مع إعلان ترشّحه لانتخابات الرئاسة الأخيرة، وكتب فيه أكثر من رباعية في ديوانه الأخير "الرباعيات".