رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمن القومى.. قوة الدولة


يعرف الأمن بأنه غياب الخوف والعوامل التى تؤدى إليه سواء كانت تلك العوامل داخلية أم خارجية، بينما يعرف الأمن القومى بأنه قدرة الدولة على التنمية فى المجالات المختلفة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والعسكرية فى إطار من نظام الاستقرار الداخلى لحماية كيانها الذاتى ومنجزاتها الحضارية من خطر القهر على يد قوة خارجية أو داخلية غير شرعية لغرض أوضاع لا تتفق مع مصالحها القومية.

وعناصر قوى الشاملة للدولة تتمثل فى خمسة عناصر سألقى الضوء على العنصر الأول وهو الكتلة الحيوية لمصر وتشمل كلا من الموقع والسكان، حيث إن مصر قوية بحضارتها وتاريخها وشبابها ورجالها ونسائها وجيشها وعلمائها وفنانيها وموقعها ونيلها وثرواتها البشرية والطبيعية وقواها الناعمة، وفى البداية سنعرف معنى القوة ثم عناصر القوى الشاملة للدولة من خلال وجهات النظر الشرقية والغربية، مفهوم القوة وتعنى القدرة على الفعل والاستطاعة والطاقة وهى ضد العنف، كما أنها تعنى أيضا التأثير والنفوذ والسلطة، أما مفهوم القوة الشاملة للدولة فهو قدرة الدولة على استخدام كل مواردها بطريقة تؤثر على سلوك الدول الأخرى.

وبتحليل عناصر ومكونات القوة الشاملة للدولة فلقد استقرت وجهات النظر الشرقية «نسبة للاتحاد السوفيتى السابق» إلى أن مفردات القوة الشاملة للدولة تتمثل فى القدرة السياسية «القدرة الداخلية»، القدرة الدبلوماسية «القدرة الخارجية»، القدرة الاقتصادية، القدرة العسكرية والقدرة المعنوية، بينما كانت وجهة نظر المصادر الغربية وطبقا لرأى» رأى كلاين» أن قوة الدولة الشاملة تتكون من خمسة عناصر أساسية وهى الكتلة الحيوية /الحرجة للدولة وهى تعنى الأرض والسكان، القدرة الاقتصادية، القدرة العسكرية، الهدف الاستراتيجى، الإرادة الوطنية. وسوف نلقى الضوء على الكتلة الحيوية للدولة والتى يعبر عنها أحيانا بالكتلة الحرجة والتى تشمل الأرض والسكان، حيث تشكل الأرض بما تتضمنه من موقع وتضاريس ومناخ وما تنعم به الطبيعة من موارد وكذا الشعب الذى يعيش على تلك الأرض، حيث إن العامل البشرى يشكل العامل الرئيسى فى نمو هذه الدولة ومدى تطورها. وتعتبر كتلة مصر الحيوية من أهم ما حباها الله من نعم وهى قوة مهمة ومعادلة مهمة فى مقياس قوة الدولة الشاملة ويظهر ذلك من دراسة التاريخ لأن التاريخ هو كنز الخبرات، هو ذاكرة الأمم والشعوب وأن من وعى التاريخ فى صدره أضاف أعماراً إلى عمره ونحن إذا فهمنا التاريخ نستطيع أن نعيش الحاضر ونستقرئ المستقبل فمصر أم البلاد طبقا لمعنى مصر فى القاموس فهى المدينة التى تتميز عما حولها من بوادى ويرجع أصل التسمية «مصر» إلى «مصرايم» ابن «حام» ابن سيدنا «نوح». ومصر هى أقدم دولة فى العالم المعاصر، فعلى مدار خمسة آلاف عام وجدت مصر بحدودها الجغرافية

وعليها شعبها ولها حكومتها المتعاقبة دون انقطاع فى أى من حقب تاريخها. ومصر ذكرت فى القرآن الكريم خمس مرات بصورة مباشرة، وثلاثين مرة بصورة غير مباشرة. ولقد وصف والى العراق «الحجاج بن يوسف الثقفى» المصريين فقال : اتقى فيهم ثلاث : نساؤهم فلا تقربهم بسوء وإلا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها، أرضهم وإلا حاربتك صخور جبالهم، دينهم وإلا أحرقوا عليك دنياك وهم صخور من جبل كبرياء الله تتحطم عليها أحلام أعدائهم وأعداء الله. بل قال بعض الحكماء إن المصريين كالمارد النائم فإياك أن توقظه، وهذا المعنى فيه مفارقة «Irony» وتضاد يقوى المعنى مثل الماء الذى يطفئ النار يتكون من عنصرين هما الأوكسجين والهيدروجين وكلاهما يساعد على اشتعال النار ولكن عند اتحادهما يتكون الماء الذى يطفئ هذه النار.