رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

توازن القوى.. وآلية الردع العربى


شكلت عملية «عاصفة الحزم» فى اليمن عامل قلق لأطراف إقليمية فى الشرق الأوسط وفى مقدمتها إسرائيل وإيران وتركيا لأنها ببساطة أحيت تقليداً غائباً وهو العمل العربى المشترك وأعادت إلى الأذهان اتفاقية الدفاع العربى المشترك التى أبرمتها الدول العربية الأعضاء بجامعة الدول العربية بعد سنوات قليلة من إنشائها، هذه الاتفاقية التى لم تفعل إلا فى مواقف قليلة كان آخرها من وجهة نظرى خلال حرب أكتوبر عام 1973 ولا يمكن اعتبار ماحدث فى حرب الخليج الثانية فى تسعينيات القرن الماضى عملاً عربياً عسكرياً مشتركاً خالصاً لأنه تم فى إطار تحالف دولى لتحرير الكويت بعد أن تعرضت لغزو جارتها العراق .

بعبارة آخرى ضربت هذه العملية أطماع هذه الاطراف الإقليمية فى مقتل وأكدت أن فى مقدور العرب التوحد والالتقاء على كلمة سواء بعدما فقدت الشعوب العربية ثقتها خلال السنوات الماضية فى مقدرة حكوماتها على الفعل الإيجابى فى مواجهة التحديات التى تواجة الأمة العربية، ومن هنا جاء قرار التدخل فى اليمن على اعتبار أن ما يحدث فى جنوب الجزيرة العربية لم يكن شأناً داخلياً للدولة اليمنية إنما هناك خطر يهدد المنطقة العربية بسبب تحالف الحوثيين مع إيران سياسياً وطائفياً وأليسوا هم ممن يعتنقون المذهب الشيعى؟ وبالتالى سيطرتهم على الحكم فى اليمن يعنى أن طهران قد سيطرت على مدخل البحر الأحمر بعد سيطرتها فى غفلة تاريخية على مدخل الخليج العربى التى اسمته بالفارسى واستقر فى أدبيات السياسة والفكر الغربى هذا المسمى لدرجة أن نظم التعليم فى الدول العربية المتأثرة بالغرب الأوروبى والأمريكى قد غرست مسمى «الخليج الفارسى» فى عقل وفكر الأجيال العربية الجديدة .

إن خطورة الموقف فى اليمن يهدد الأمن القومى المصرى لأن من يسيطر على باب المندب جنوب البحر الأحمر يسيطر على حركة الملاحة فى قناة السويس وبالتالى يتحكم فى الخطوط الملاحية التجارية والعسكرية بين شرق وغرب العالم، من هنا كان من الطبيعى أن تدافع مصر عن أمنها القومى الذى هو فى واقع الأمر الأمن القومى العربى ولذلك عجبت من وزير خارجية العراق إبراهيم الجعفرى الذى برر رفض بلاده لعملية «عاصفة الحزم» فى مقابلة متلفزة وقال إنها ترسى مبدأ خطيراً فى السياسة العربية يشجع على التدخل فى شئون الدول العربية وهو منطق متناقض لأن العراق سمح لغير العرب بالتدخل فى شئونه حتى ولو سلمنا بأن وجهة نظره غير طائفية وليس غريباً أن يأتى رفض العراق متطابقاً مع موقف الشيخ حسن نصر الله زعيم حزب الله الشيعى اللبنانى!.

إذن يمكن القول إن تكوين آلية للردع العربى تتفق مع اختيارات الشعب اليمنى الذى يقف إلى جانب شرعية حكم الرئيس عبدربه منصور هادى وتتفق مع ضرورات الأمن القومى العربى وما أتصوره أنه يجب أن تصبح هذه الآلية دائمة ونواة للجيش العربى المشترك وبديلاً عن اللجوء للتحالف الدولى الغربى ولكى تحد من أطماع الإيرانيين والأتراك فى المنطقة وتجعل إسرائيل تفيق من حلم السيطرة والهيمنة التى تعيش فيه منذ فترة وبالتالى تتصور أنها بذلك قد حجمت قضية العرب المركزية القضية الفلسطينية.وللحديث بقية