رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المؤتمر الاقتصادى والدرس الأخير


لا شك فى أن المؤتمر الدولى الذى عُقد بمدينة شرم الشيخ لدعم الاقتصاد المصرى، سوف يُعد من أبرز العلامات المضيئة فى تاريخ مصر الحديث، ليس لحجم ومستوى المشاركة الدولية فيه والنتائج المذهلة التى انتهى إليها فحسب، ولكن لأنه منذ طرح فكرته صار هدفاً قومياً اتحد عليه المصريون بالفكر والعاطفة بصورةٍ تمثل نموذجاً فريداً للوحدة الوطنية التى تتميز بها مصر عبر تاريخها الحضارى العريق.
 ولا أريد أن أخوض فى النتائج الاقتصادية الباهرة التى تحققت،
فقد تحدث عنها باستفاضة كل الخبراء والمتخصصون، ولا يسعنا فى هذا المقام إلا أن نقول: الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدىَ لولا أن هدانا الله، ولكننا من خارج دائرة المؤتمر وفعالياته نستطيع أن نلمس بعضاً من المدلولات والنتائج الأخرى التى لا تقل أهميةً وأثراً عن نتائج المؤتمر الاقتصادية، وهو ما نراه على النحو التالى:

«1» إن هذا المؤتمر أظهر بجلاء وجسّد بوضوح الإرادة الفولاذية للشعب المصرى العظيم الذى تحدى كل المصاعب والمخاطر والمحن التى تحيط به، وأصر على تنظيم وعقد هذا المؤتمر وبناء دعائم نجاحه فى وقتٍ تتربص فيه كثيرٌ من القوى الغاشمة وأذنابها العميلة بهذا الوطن وتسعى لخرابه وعرقلة أى خطوةٍ فى مسيرته نحو التقدم والرخاء والاستقرار، فصدق فيه قول الشاعر: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.

«2» إن هذا الإجماع الشعبى - قلباً وعقلاً وعملاً - على هذا المؤتمر ونجاحه، يُعدُ استفتاءً جديداً على نظام الحكم وتأكيداً لإرادة الشعب الحرة بثورته المجيدة فى 30 يونيو. «3» إن مجرد الحضور الدولى من مشارق الأرض ومغاربها فى هذا المؤتمر، يُعدُ إقراراً رسمياً بشرعية الحكم فى مصر وتقديراً لمكانتها واعترافاً بإرادة شعبها.

«4» إن هذا المؤتمر أعاد للمصريين الثقة فى أنفسهم بقدرتهم على الإبداع والتنظيم والعمل المشترك وهو ما استشعره العالم بالفعل. «5» أن هذا المؤتمر بكل مفرداته العملية والمعنوية خلق دعامةً حيويةً جديدة من دعائم توحيد الصف العربى، وهو أمرٌ فى غاية الأهمية والضرورة فى ظل الصراع الدولى وخريطة العالم التى يُعاد رسمها الآن. «6» إن نجاح المؤتمر وقد كان هدفاً قومياً، لابد أن يؤدى بإذن الله إلى النجاح فى هدفٍ آخر مترتب عليه ومرتبط به، وهو التفانى فى العمل الجاد ونبذ الخلافات السياسية والصبر على موضوعات المعاناة الحياتية، وهنا ينهض دور الحكومة ووسائل الإعلام الوطنية لترسيخ هذا المفهوم كأحد الأهداف القومية فى المرحلة المقبلة.

نأتى بعد ذلك إلى كل الجماعات التى تعيث فى الوطن خراباً بأعمالها الإرهابية وعلى رأسها جماعة الاخوان المتأسلمين، فمن ابتغاء مرضاة الله فقط وامتثالاً لحديث رسولنا الكريم بأن الدين النصيحة، أقول لهم ولمحبيهم كلمةَ صدقٍ وأمانة، بأن ذلك المؤتمر ونجاحه هو الدرس الأخير لكم، فإن استوعبتم جيداً مدلولاته التى سردناها وأعتقد أنها لا تغيب عنكم، فذلك سيكون طوق النجاة لكم، حيث ستكفون من تلقاء أنفسكم عن كل أعمالكم الإرهابية. ولمزيدٍ من التوضيح أقول لهم إن الشعب الذى امتلأ قلبه بغضاً لكم قد جدد بهذا المؤتمر مبايعته لقائده ولم يعد يأبه بأعمالكم الإرهابية، بل وشحذ إرادته لمحاربتكم ودحركم، كما أن الدول الداعمة لكم بدأت فى تغيير موقفها، ومن ثَمَّ فإن القافلة الوطنية سوف تستمر بإذن الله فى المسيرنحو المستقبل المنشود، ولن يضيرها عواء أى فصيل مهما كانت دوافعه أو أهدافه، فإن أيقنتم ذلك كان خيراً لكم وللوطن، وإن لم يكن فقد حكمتم على أنفسكم بالفناء. اللهم إنى قد بلّغت اللهم فاشهد.. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

لواء بالمعاش