رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«اتفاق المبادئ».. والأمن القومى


وقع الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس السودانى عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبى «هايلى ماريام ديسالين» اتفاق إعلان المبادئ حول سد النهضة الإثيوبى من خلال اتفاق إيجابى وملزم لجميع دول حوض النيل والذى يؤدى إلى احترام الاتفاقية الدولية المبرمة السابقة فى حصص المياه لكل دولة من دول حوض النيل وكذلك عدم التسبب فى العذر واتخاذ جميع الإجراءات لمنعه وتخفيضه حال حدوثه من خلال اللجوء إلى التحكيم عن طريق مكتب استشارى، ففى الإعلان يتفق جميع الأطراف، وذلك لطرح إيجابيات وسلبيات سد النهضة الجديد وما ينتج عنه من مخاطر وعلى جميع الأطراف المتنازعة احترام تقرير المكتب الاستشارى دون تدخل من أى دولة أجنبية، كما نصت الوثيقة على خطوط استرشادية لملء الخزان وقواعد التشغيل، وكذا إرساء أسس التفاهم والتنمية المستديمة والتفاعل الإقليمى فى حوض النيل، ونظراً لأن ركائز الأمن القومى المصرى تنطوى على ست ركائز من ضمنها تأمين حصة مصر السنوية من مياه النيل وقدرها 55.5 مليار متر مكعب، ولذا لم يتوجه الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الخرطوم لتوقيع اتفاق المبادئ ما لم يكن هناك اطمئنان أن الاتفاقية ونصوصها تضمن الحقوق التاريخية المكتسبة لمصر بمقتضى القانون الدولى، وأن الاتفاقية ليس فيها ما يثير للقلق من إسقاط الاتفاقيات السابقة، وأنها تزجى على أن ما يحكم موضوع «سد النهضة» هى مبادئ القانون الدولى. وجدير بالذكر أنه منذ ثورة 30 يونيو ومصر تعيد صياغة علاقتها الخارجية بهدف استعادة الدور الإقليمى والدولى، وتحقيق المصالح العليا للوطن وفق اعتبارات الأمن القومى المصرى، وأن إعلان المبادئ خطوة صحيحة على مسار توثيق العلاقات بين مصر وإثيوبيا بدعم جسور الثقة بين البلدين، ويعزز فرص الحوار بينهما لتحقيق مكاسب مشتركة للجميع، ويرسخ حالة من الفهم المتبادل بين احتياجات دول المصب واحتياجات دول المنبع. ومن خلال نهج الدبلوماسية المصرية الجديدة بالانفتاح الجاد نحو عمقها الاستراتيجى والقمة الثلاثية فى العاصمتين السودانية الخرطوم والإثيوبية أديس أبابا.

اتفق الزعماء الثلاثة على التعاون المشترك لتحقيق المصالح للجميع فى إطار مبادئ القانون الدولى، وأن التنمية والعمل المشترك يمر عبر بوابات التفاهم والقبول بمصالح الآخر بما يلبى طموحات شعوب وادى النيل، لتنعكس إيجابياً على مجمل القضايا الإقليمية والتحديات التى تواجه المنطقة، وعلى رأسها تنامى ظاهرة الإرهاب التى ليس لها وطن أو زمان أو مكان. ولقد دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى جعل نهر النيل محوراً للتعاون والإخاء والتنمية من أجل شعوب دوله، التى تتطلع وتعلق آمالاً كبيرة وأن الثقة فى الأشقاء كاملة لتحويل التوقيع على وثيقة المبادئ إلى حقائق ملموسة، وأن المتخوفين من ضياع حقوق مصر التاريخية عليهم أن يفهموا جيداً أن مصر ليست صغيرة ولا ضعيفة ولا غبية بل هى تعرف حقوقها جيداً، ولن تفرط فيها وظهر ذلك جلياً فى كلمات الرئيس، حيث قال «إن سد النهضة يعتبر مصدراً لتنمية إثيوبيا، لكن النيل بالنسبة للمصريين هو مصدر حياتهم فى إقليم شديد الجفاف»، وأنه قضية أمن قومى.

مستشار كلية القادة والأركان