رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التحديات بالزوفة.. فهل من زوفة من الهمم؟!


لا بد من تذكر أن هناك عقودًا واستثمارات حقيقية موجودة، ولكنها بعد حصولها على الامتياز تباطأت فى تحقيق الاستثمار، وعلينا متابعتها ومراجعتها!

يعتبر شهر مارس عام 2015 شهر التحديات، وهو بذلك يتطلب شهورًا من علو الهمم، فلقد واجهنا تحدى المؤتمر الاقتصادى والتنمية ومصر المستقبل، بينما جاءت نتائج المؤتمر تشكل تحديات أكبر، أرجو أن نكون على مستواها، فلا شك أن ما عرف عن نتائج المؤتمر قد فاق بكثير أغلب، إن لم تكن كل، التوقعات، فمراجعة المؤتمرات الدولية المختلفة ودروس التاريخ تنبهنا إلى عدم الاعتماد على النتائج وحدها، كما أن التاريخ يقول لنا إنه فى بعض الأحيان تنقلب النتائج الإيجابية إلى عكسها، لذا فإن المتابعة والعمل الجدى ضرورى لتحقيق الفائدة المرجوة!

لقد كتب الكثيرون بعد المؤتمر ونبهوا إلى نقاط أؤيدهم فيها، خاصة تلك التى تقول إن عائد هذه الاستثمارات يجب أن ينعكس على المواطن المصرى وألا نكتفى بارتفاع معدل النمو، خاصة أن معدل نمو الاقتصاد القومى المصرى كان قد وصل فى عام 2010 إلى سبعة بالمائة، ولكن المواطن المصرى لم يشعر بذلك حينئذ، كذلك الحديث عن أهمية استكمال خارطة المستقبل بإجراء الانتخابات التشريعية، وكذلك عن ضرورة المحاسبة على التقصير أو الخطأ، وربما ضرورة العمل على تشجيع القطاع الخاص دون إهمال دور القوات المسلحة!

لكن ما أقصده ربما يختلف عما سبق، فأولاً لا أستطيع أن أنسى أن مصر تحت قيادة الخديو إسماعيل قد حفرت القناة، وافتتحتها وأصبحت تمتلك نسبة محترمة من رأسمال القناة، ولكنها وبأساليبب ملتوية فقدت حصتها فى رأس المال بأن دفعته سدادًا لديونها، و بدلاً من أن تمتلك مصر القناة، أصبحت القناة تمتلك مصر لكى يستخلصها ابنها جمال عبد الناصر ومن ورائه شعبها بعد تسعين سنة، ولا أستطيع إلا أن أحذر من أن تذهب الاستثمارات التى قرأنا عنها إلى أطراف أخرى، ونجد أنفسنا صفر اليدين!

كذلك لا أستطيع أن أنسى أننا منذ أقل من سنة عقدنا مؤتمرًا لإعمار غزة، وقيل حينئذ إن نتائجه قد فاقت التوقعات، ولكننا حتى الآن لا نرى إعمارًا فى غزة ولا مظاهره، أى أن الوعود التى انهالت فى المؤتمر كانت حسب الوصف المصرى الدارج «وعودًا مضروبة» أى فاسدة، أو أنها كانت «زى كلام الليل مدهونة بزبدة، وطلعت عليها شمس النهار ساحت». وهكذا فإن من الواجب مراجعة ومتابعة قرارات المؤتمر والإعلان عن أى تأخير حتى يدرك الشعب حقيقة الموقف ولا تنتشر الشائعات التى لا تنتظر ظهور النتائج فى محاولة لإحباط روح التفاؤل والأمل لتشكك حتى فى الحقائق الواضحة، أخيرًا لا بد من تذكر أن هناك عقودًا واستثمارات حقيقية موجودة، ولكنها بعد حصولها على الامتياز تباطأت فى تحقيق الاستثمار، وعلينا متابعتها ومراجعتها!

أخيرًا، فكم من إنجازات حققتها مصر، ثم جاءت بعد ذلك لتطمس كل إنجاز، ولنتصور ماذا يمكن أن يحدث مثلاً إذا جاءت شركة لتنفذ مشروعها وراح العاملون بها يحرضون على الإضراب، أو أن يلزم المديرون مكاتبهم، أو أن يتركوا المعدات تصدأ بدلا من أن تسهم فى الإنتاج، أو نفاجأ باندلاع حريق ضخم يأكل الأخضر واليابس ونفاجأ بالخسائر بملايين الجنيهات أوحتى الدولارات. ولن أتحدث عن أولئك الذين يبادرون من الآن للسؤال عن نصيبهم من الاستثمارات!

ويأتى فى نهاية شهر مارس مؤتمر القمة العربى وهو مؤتمر استثنائى بمناسبة العيد السبعين لنشأة جامعة الدول العربية، وتحدياته ضخمة، فالقضايا العربية متراكمة، وتقف مكافحة الإرهاب على رأسها، وإذا كانت دول عربية قد سارعت لمساعدة مصر فى المؤتمر الاقتصادي، فالجميع ينتظر قيام مصر من صمتها وغفوتها لتقوم بدورها الإقليمي، وهو دور تتصوره قوى عربية بأشكال مختلفة، وعلينا أن نهيئ أنفسنا للقيام بالدور الذى علينا النهوض به، وهو فى بعض الأحوال يتناقض مع الاعتراف بالجميل لبعض الدول التى قدمت المساعدات إلينا.

أخيرا هناك تحدى العلاقات المصرية بالولايات المتحدة والقضية الفلسطينية، فغالبية الشعب المصرى يدرك أن الولايات المتحدة هى أس البلاوى والمصائب هى وإسرائيل، وما زالت السياسة المصرية إزاءهما لا تتوافق مع مشاعر غالبية الشعب، كما أن ذلك يؤثر على معالجة القضية الفلسطينية، ويزداد الاهتمام بالقضية الأخيرة على ضوء النتائج الأخيرة للانتخابات الإسرائيلية، ولا أجده مناسباً أن تقول السياسة المصرية إنها تتفهم مخاوف إسرائيل، فماذا إذن عن باقى الدول؟ وإذا كنت أدرك حرج الموقف المصري، فإن التصريحات التى تؤيد حقوق الشعب الفلسطينى يمكن إعلانها دون حرج، والسياسات المعارضة لإسرائيل إما يمكن ذكر مبادئها، أو فصلها عن باقى السياق

هل تكون لدينا همة مواجهة التحديات؟!