رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حوارٌ لم يتم مع الرئيس أوباما «1-2»


منذ أحداث يناير 2011 تمنيت لقاءً شخصياً وحواراً مع الرئيس باراك أوباما بعيداً عن لغة الدبلوماسية ومتاهاتها، لأنقل له ما يعتلج فى نفسى كمواطنٍ مصرى بسيط ولفهم المعتقد الفكرى الذى يحدد ويوجه السياسة الأمريكية تجاه العالم وبصفةٍ خاصة تجاه أمتنا العربية. وبالطبع لم يكن لهذه الأمنية أن تتحقق، إلا أنى تخيلتُها تحققت بحديث دار بيننا استلهمتُ مفرداته من سياق الأحداث الجارية والتصريحات الأمريكية المتفرقة.

كان اللقاء الخيالى بداخل قاعدة العيديد الجوية بدولة قطرأثناء زيارة أوباما لمناطق نفوذه، وجرى الحوار على النحو التالى: «س» سيادة الرئيس أشكركم أولاً على إتاحة الفرصة لألتقى برئيس أقوى دولةٍ فى العالم ولا أقول أعظم دولة لأن الفرق بينهما كبير، فالقوة تقوم على المقومات المادية فقط أما العظمة فلابد لها من مقومات معنوية من المبادئ والقيم الانسانية، ثم دعنى أسألك عن سبب اختيار هذا المكان للقاء. «ج» النظرة إلى الولايات الأمريكية باعتبارها أقوى أو أعظم دولةٍ فى العالم هى مسألةٌ نسبية تختلف من شخص إلى آخر وتتحكم فيها اعتبارات وظروف متباينة وإن كان من يملك عناصر القوة يستطيع نشر نظرياته وقيمه ومعتقداته. أما مكان اللقاء فأراه محايداً ذا سمةٍ عربية أمريكية ويشعرك بضآلة قيمة الأرض فى مقابل المصالح الحيوية بين الدول. «س» هناك خمسون ولاية تحت رئاستكم تحرصون على وحدتها كدولة واحدة، كما أنكم تؤيدون محاور الوحدة الأوروبية، فى حين أنكم ابتدعتم مشروعاً لتقسيم منطقتنا وتقاتلون لتنفيذه، فهل ذلك لمجرد أمن إسرائيل أم له أهداف أخرى.«ج» لاشك أن أمن إسرائيل يهمنا فى المقام الأول لاسبابٍ عقائدية واستراتيجية، كما أنه يمكن إنهاء أى صراعات عرقية أو مذهبية أو قومية بإنشاء كيان دولى لكل اتجاه وهو ما يحقق الاستقرار والتقدم للمنطقة. «س» مع رفضى التام لهذا المنظور فإن منطقتنا العربية لم يكن بها أبداً مثل تلك الصراعات وأن ما تشهده الآن من صور التصدع والفوضى والأعمال الإرهابية كان نتيجة التدخل الأمريكى بشكلٍ أو بآخر فى شئونها. «ج» نحن لانتدخل فى الشئون الداخلية للدول ولكن نساعد شعوبها للحرية وبناء الديمقراطية لتحقيق آمالها وطموحاتها، ومن هنا كان دعمنا لثورات الربيع العربى. «س» هذا التعبير من ابتداع الادارة الامريكية ولم يعُد ينطلى على المصريين، ولعلكم تذكرون تصريحكم الرنان بأنكم ستدرّسون الثورة المصرية بمدارسكم، فهل فعلتم ذلك أم كان تصريحكم للخداع واستحيتم من تلقينه لأبنائكم. «ج» حقاً لقد وصفنا الحركات الشعبية آنذاك بالثورات وفقاً لرؤيتنا بما تمنيناه، ولكن توافق الواقع مع الوصف يرجع للشعوب وحقيقة مطالبها وطبيعة حياتها الخاصة،ونحن فى كل الأحوال نؤيد الشعوب ونحترم إرادتها.«س» رغم التناقض السافر بين أقوالكم عن احترام إرادة الشعوب وأفعالكم على أرض الواقع، فإننى أتوق إلى معرفة سر تأييدكم الجارف لجماعة الإخوان المتأسلمين والإصرار على عدم تصنيفها كمنظمةٍ إرهابية. «ج» لقد تعاملنا مع هذه الجماعة منذ عقودورأينا أنها بقوة شعبيتها يمكن أن تحقق استقراراً فى المنطقة، والشعب المصرى ساهم فى ترسيخ رؤيتنا ثم هو الذى أتى بها إلى سدة الحكم رغم مثالبها فلا تلوموا إلا أنفسكم ولا تنسوا أنها منكم. أما التصنيف الإرهابى فذلك يتم لدينا وفقاً لاعتبارات وإجراءات صارمة والقرار يصدر من جهة وحيدة هى الكونجرس، وبصراحة كان يمكن التعويل إلى حد ما على الموقف الرسمى المصرى تجاه تلك الجماعة وغيرها، لو كان قائماً فقط على رؤية الدولة السياسية والأمنية، ولكنه ارتكن إلى أحكامٍ قضائية ذهبت لتحديد الموقف الرسمى للدولة تجاه الغير، وبالتالى دعنى أسألك من جانبى ماذا لو صدرت أحكامٌ قضائية فى هذا السياق بإلزام الدولة بقطع علاقاتها مع دولةٍ ما أو إلغاء اتفاقياتها، ألا يثير ذلك هواجس سائر الدول تجاه مصر والتردد فى إقامة أى علاقات معها خشية التدخلات القضائية. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

■ لواء- بالمعاش