رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العبور الثالث فى غد مشرق


مع كل العرفان والإجلال والإكبار لدور كل من أسرة محمد على، وثورة يوليو ١٩٥٢ فى بناء ونهضة مصرنا الحديثة، ومع اعتذارنا عن قبح البعض منا وظلمه لهما بمساهمته فى تشويه وطمس تاريخ كل منهما الوطنى الرائد أيا كانت الأخطاء التى لا تخلو منها أى تجربة بشرية.
فقد تتفق الغالبية معى أن مصر مرت فى تاريخها المعاصر بثلاث محطات فاصلة غيرت وستغير - إن صدقت النوايا - وجه هذا التاريخ الذى سيسجلها بأحرف من نور فى صفحات مجدة وفخارة، ولا شك أن أول هذه المحطات هو : الانتصار العظيم فى معركة الشرف والكرامة فى أكتوبر ١٩٧٣، ذلك الانتصار الذى عبر بمصرنا الغالية وأمتنا العربية من المرارة واليأس والألم إلى العزة والكرامة والأمل، أما ثانيها فهو : العبور بمصر لعصر الشعوب الحرة الأبية فى ثورة بيضاء طاهرة نقية شهد لها العالم فى الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١ .... ثورة قضت على موروث هائل من المساوئ والفساد، وأكملها ذلك الشعب الأبى بثورة أخرى غير مسبوقة فى العالم فى الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ قضت على فاشية دينية واستردت الدولة من ذلك الفصيل الإرهابى الذى أراد بها وبأهلها سوء مستغلة فراغ الساحة السياسية وغياب القائد لثورة الشعب فى يناير، أما ثالث هذه المحطات فهو : ذلك العبور إلى المستقبل الواعد المنشود بتجاوز أزماتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ذلك العبور الذى تجسد فى تظاهرة محلية وإقليمية وعالمية بمؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى الذى عُقد بمدينة شرم الشيخ .... ذلك المؤتمر الذى تجلت فيه الإرادة والروح والعزيمة لبناء مستقبل واعد وغد مشرق يليق بمكانة هذا البلد العريق .... وأياً ما كانت تلك الآراء أو صيحات النقد المسموم التى يجب ألا نلتفت إليها أو نعيرها اهتماماً، والتى تكشف فى مضمونها وفحواها إما عن عقول وقلوب مريضة أتلفها خمر السلطة الغاربة والسقوط المدوى فى هاوية ليس لها من قرار، أو عن خلل يسرى فى نفوس طائفة طفيلية يختفى لديها حس المسئولية وانعدام الواجب وغياب التضحية والوفاء ونكران الجميل، فلا يبقى لها إلا تلك الأفكار الهدامة التى تميل كل الميل إلى الجنوح والجحود .... فلا مرية أن هذه التظاهرة العالمية حققت لمصر العديد من المكاسب الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، وأثبت للعالم كله أنها مفتاح الاستقرار والأمان فى المنطقة وأنها عصية على هفوات الصغار وزلات الأقزام، فضلاً عما تضمنته من دعم واعتراف باختيارات الشعب وتأييد ثورته المجيدة فى يونيو ٢٠١٣، ورفع عزلته عن أشقائه الأفارقة وسائر شعوب العالم، إلى جانب جذب مليارات عديدة للاستثمار العربى والأجنبى والمحلى بما يسهم فى نهضة وبناء مصر الحديثة .... مصر المستقبل التى تعتمد على العمل وصول إلى الازدهار فى شتى المجالات .... ولا يبقى من بعد للشعب المصرى إلا خيار واحد للنجاح وهو : العمل .... ثم العمل .... ثم العمل والعقل الواعى المستنير ..... وفى النهاية فليعلم الجميع أن ما واجهته مصرنا الغالية وما تعرضت له لم يكن غروباً لشمسها الذهب، وإنما مجرد كسوف وقتى طال أم قصر ... وعلينا أن نتذكر أن أحلك الأوقات وأكثرها ظلمة هو ما قبل بزوغ الفجر ..... لكن الفجر فى النهاية آت لا محالة عندما يظهر للأمة رجال ينتصرون لها ويتحملون المسئولية عنها .... وأنه لكى يولد الأمل لا بد من آلام المخاض ومعاناة الولادة ..... وها نحن نرى الأمل فى مستقبل واعد وغد مشرق قريب .... قريب .... فلنركب جميعا سفينة النجاة متسلحين بالإرادة والعزيمة والعمل الدؤوب .... حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه .

■ محامى