رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باراك أوباما مزدوج الجنسية


حسناً فعلت المحكمة الدستورية العليا بالسماح لمزدوج الجنسية بالترشح فى البرلمان فهو ليس خائناً حتى نمنعه من الترشيح وتولى المناصب العامة، لأن أمريكا أكثر من 300 مليون نسمة كلهم جنسيات مختلفة بل إن الجنسية الأمريكية الأصلية لم تعد موجودة «الهنود الحمر» ومع ذلك استطاعت أن تستقطب إليها كل نوابغ وكفاءات العالم، وتقدم لهم الإغراءات، ومنحتهم جنسيتها والمناصب والإمكانيات حتى يقدموا أفضل ما لديهم، ولهذا أصبحت أمريكا وستظل سيدة العالم، بفضل مزدوجى الجنسية، استطاعت بالعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص أن تضمن ولاءهم، هذه حقيقة مهما اختلفنا مع سياستها تجاه قضايانا العربية، فالمواطن الأمريكى المتجنس يشعر بقيمته ويفخر بانتمائه لبلده ذات التاريخ القصير جداً، فقبل أربعين عاماً لم يكن حق التصويت فى الانتخاب مسموحاً للسود، ولا حتى ركوب الموصلات العامة مع البيض، خلال هذه المدة القصيرة جداً فى عمر الدول والشعوب، أصبح حاكم أمريكا رجلاً أسود من أصول مسلمة أفريقية، فمن الحرب على مقعد فى أتوبيس عام إلى المقعد الأهم فى البيت الأبيض. إنه بحق مجتمع استطاع أن يتغلب على مشاكله التى كانت تهدد مستقبله ووحدته، ويحول نقاط ضعفه إلى مصدر قوة،لأنه أعطى كل مواطن حقه على أساس من الكفاءة وليس اللون أو اللغة أو الديانة أو الجنس، ولقد ذهلت حينما قابلت فى واشنطن عام 2001 المسئول عن برنامج الزائر الدولى فى وزارة الخارجية الأمريكية ووجدتها سيدة، عربية، مسلمة، فلسطينية..واسمها سناء،وهو برنامج ميزانيته السنوية تتعدى المائة مليون دولار، هذه السيدة - لو موجودة فى وطنها- ستكون مجرد رقم فى عدد السكان، وغيرها الكثيرون من العلماء العرب والمسلمين الموجودين فى أمريكا،هم فى بلادهم مجرد أرقام لا قيمة لهم، ولكن أمريكا عرفت كيف تستفيد منهم.الأمر يتطلب إعادة النظر فى موضوع تولى مزدوجى الجنسية للوظائف المهمة، والترشح فى الانتخابات البرلمانية، حتى يمكننا الاستفادة من أفضل عقولنا بدلاً من ترك العالم كله يستفيد منهم، فنحن أولى بهم ولا يعقل أن نشكك فى ولاء زويل، أو مجدى يعقوب أو فاروق الباز أو مصطفى السيد.ومعظم أعضاء مجلس علماء مصر التابع لرئاسة الجمهورية وغيرهم الآلاف الذين يحملون جنسيات أخرى من الممكن أن تكون قد فُرضت عليهم، فهؤلاء وأمثالهم هم ندرة العقول المصرية فهل من المعقول ألا نستفيد منهم،إن لم يكن من حقهم تولى المناصب والترشح للبرلمان لماذا ينتمون إلى البلد ويستثمرون فيها ويخدمون أهلها؟ الانتماء للوطن لا يقاس بشهادة من مصلحة الجنسية والهجرة بل بالأفعال، ومرتكبى جرائم الخيانة والفساد الكبرى طوال السنوات الماضية كانوا يحملون جنسية مصر فقط وتولوا أكبر مناصبها. وإذا كان أوباما الشاب الأفريقى الأسمر تولى رئاسة أكبر دولة فى العالم، فإننا فى مصر كنا ومازلنا نمنع الأكفاء من التعيين فى الوظائف المهمة بسبب أوضاعهم الاجتماعية فى القضاء والخارجية والجيش والشرطة وندفعهم للموت والذل فى الدول الأوروبية والعربية.

مذيع ومدير عام بالإذاعة المصرية