رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تغيير القيادة بين التوقيت والأسلوب


أكتب بعد أن تلقيت نبأ التعديل الوزارى وتعيين ثمانية وزراء وهو ما يشكل بالنسبة لى تغييرًا فى قيادة بعض القطاعات وهو أمر يعمل حسابه عادة عند التفكير فيه، حيث إن تغيير القيادة لا بد من أنه يحدث نوعًا من الارتباك فى القطاع الذى يجرى فيه، فإذا كانت الفترة حرجة فقد يصبح التغيير أكثر خطورة.

فإذا كان القطاع حساسًا فقد أصبح التغيير مؤثرا على قطاعات أهم من الدولة، ويصبح ماسًا بأوتار مهمة فى أعصابها.

من جهة أخرى فإن أسلوب التغيير له أهميته سواء بالنسبة للشخص الذى يجرى تغييره أو بالنسبة للجهاز الذى يقوده، أو بالنسبة للجمهور الذى يتعامل معه، وأخيرًا بالنسبة للشعب الذى يتلقى نبأ التغيير، فالتغيير المفاجئ قد يشعر أحدًا بالخيانة، أو كما يقال «إن آخر خدمة الغز علقة». وهو من جهة أخرى يحتاج إلى زمن لكى يتأقلم الجهاز مع قيادته الجديدة من ناحية، ولكى يضع الخطط وفقًا لسياسة التغيير الجديد. فالتغيير يعنى تغييرًا فى المهام والأسلوب، وقد يكون تغييرًا للشخص نظرًا لعدم ملاءمته للمرحلة أو للتقصير فى العمل، وهنا يجب أن يختلف أسلوب التغيير لمواجهة احتمالات تكرار الخطأ. أعتقد أنه من المناسب أن يكون تغيير القيادة دوريًا ومتوقعًا، وأن يجرى تكريم القيادة بعد انتهاء خدمتها فى موقعها، وأن يكون التقدير دافئًا بحيث لا يبدو مجاملة ولكن تقديرًا حقيقيًا.إذا طبقنا ما سبق على التعديل الوزارى يوم الخميس 5 مارس 2015 نجد أنه من حيث التوقيت يحدث فى فترة حرجة سابقة للمؤتمر الاقتصادى المزمع انعقاده وكذا مؤتمر القمة العربية فى نهاية الشهر، وقبل الانتخابات التشريعية المتوقع إجراؤها فى غضون شهر، وأن التحضيرات قد أجرى أغلبها فعلاً، ولا يمكن القول بأننا يمكن أن نبدأ من جديد، صحيح أن حكم المحكمة الدستورية وما قد يتبعه يوفر فسحة زمنية لكنى لا أتصور أنه يمكن البدء من جديد، أيضًا قد يرى البعض أن هناك وزراء جرى تغييرهم لا يتأثرون كثيرًا بالتغيير، ولا أظن ذلك صحيحًا خصوصًا إذا وضعنا فى الاعتبار وزارتى الداخلية والزراعة، وكذا وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

أما عن أسلوب التغيير فقد تميز التعديل الوزارى بأنه قد بدأ مفاجئًا سواء بالنسبة لمن شملهم التغيير أو بالنسبة لجمهور المشاهدين، ويوحى بأن هناك من قد يكون قد شعر بالجحود أو نكران للإخلاص، وإن كان رئيس الوزراء حرص على الاعتراف بدور وإخلاص الذين خرجوا من الوزارة، وهو ما لا بد من تقديره رغم أن البعض قد وصف التغيير بالإقالة وهو تعبير غير مرض بالنسبة للمصريين، وأظنه لغيرهم أيضًا. وفى خضم ذلك قد يتوه من قصر وسط المجتهدين والمتميزين، وأظن أن من المناسب ألا ينتظر تغيير المقصرين والمتقاعسين وقت التعديل الدورى على كل المستويات، وأن يقال للمقصر «قد قصرت» كما يقال للمجتهد «قد أحسنت».وبمناسبة التعديل وتغيير وزير الداخلية بالذات وقد نال التكريم بتعيينه مستشارًا لرئيس الوزراء بدرجة نائب رئيس وزراء، فإنى أولاً أرى أنه كان من المناسب تكريمه، وأنه يجب الاستفادة فعلاً بخبرته، ولكنى أرى أن كثيرين يطالبون عادة بإقالة وزير الداخلية نتيجة لحدوث جريمة ما، أو خطأ من أحد العاملين فى الوزارة، وهو خطأ من وجهة نظرى فستظل الجرائم تقع فى جميع الأحوال ومهما تغير وزير الداخلية، وإقالة وزير الداخلية نتيجة لوقوع جريمة يتطلب إقالة وزير كل يوم على الأقل، وينطبق على ما سبق فى وزارة التربية والتعليم كما لو كان الوزير قادرًا على منع وقوع حادث فى كل مدرسة.

خبير سياسى وعسكرى