رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نحن فى وادٍ.. وإعلامنا فى وادٍ آخر


أحترم كل من علمنى حرفاً وانحنى له تقديراً وإجلالاً.. أتخذه دائماً فى كل ما أقوم به المثل والقدوة.. هؤلاء العظام الذين درسوا لىَّ فى جميع مراحل حياتى.. أخص منهم بالذكر أساتذة إعلام القاهرة.. كانوا حريصين.. على غرس المفهوم الصحيح للإعلام ووظائفه فى عقولنا.. دائماً وأبداً ينصحوننا بتحرى الدقة والصدق فى أى مادة صحفية نحررها. ... أخذنا بالنصائح وعملنا بها فى الخارج والداخل قدر استطاعتنا.. راعينا فيما نكتب مرضاة الله عز وجل ثم ضمائرنا ومصلحة أوطاننا.. لم نأبه بملامة لائم أو نقد متهكم مدع أو تهديد جاهل أعمى البصر والبصيرة. فى خضم الصخب الإعلامى والسياسى والاجتماعى الذى ملأ عالمنا العربى نتيجة المتغيرات والمؤامرات والخيانة والغدر والعمالة التى نواجهها اليوم.. ظنت بعض وسائل إعلامنا الموجهة أنها المصدر الوحيد للمعلومة.. وأن من حقها فرض وجهة نظرها وتوجهاتها ورؤيتها وأهدافها الخبيثة على المتلقى، كما ظن إعلاميو هذه الوسائل أنهم «الجهابذة» العالمين ببواطن الأمور دون غيرهم.. واعتقدوا ــ كذباً وافتراءً ــ أن المتلقى مازال يلهث خلف إنتاجهم البذىء من أخبار وبرامج تافهة عن زنا المحارم والشعوذة ليغترف منه ومن فيض بلاهتهم وتلونهم.. ثقافة وعلماً وتصوراً وتحليلاً.. وغاب عنهم أن هذا المتلقى أصبح فى وادٍ وهم فى وادٍ آخر.. ليه؟ لأنه حتى الآن لم يفهموا بعد أن المتلقى على اختلاف ثقافته «رأى عام ــ قائد ــ مثقف ــ منقاد» قد سئمهم وكشف زيفهم ونفاقهم فى حق أنفسهم وفى حق غيرهم. ولمثل هذه النوعية من وسائل الإعلام والإعلاميين على السواء أنصح بالآتى: المتلقى الآن يمكنه وهو مستلقى فى غرفة نومه وعلى سريره أن يجوب العالم شرقاً وغرباً.. أن يحصل على المعلومة قبل أن تصلكم وبكل لغات العالم ومن آلاف المصادر «فضائيات ــ مواقع إلكترونية ــ إذاعات ــ فيس ــ تويتر ــ و..».. أن يجد للحدث الواحد ألف رأى وألف تحليل.. المتلقى أصبح ينتقى الغث من السمين.. يعرف جيداً من فيكم الصادق ومن الكاذب.. من الوطنى ومن الخائن.. من الذى باع ضميره للدولار والدينار.. ومن تعفف وقال «إنى أخاف الله رب العالمين».. المتلقى لم يعد يتأثر بأصحاب الصوت العالى.. لم يعد هو ذاك المحنط داخل تابوت «التبعية» العمياء لهذه الجريدة أو تلك القناة.. المتلقى يا سادة أصبح يكره العقيدة الإعلامية من كثرة كذبها وتضليلها له على مدار عشرات السنين حتى ضاعت منه بلاده واغتصب منا إخوان الشياطين السلطة فى غفلة من الزمن.. والآن فاجئنا تنظيم «داعش» الإرهابى بعمليات قتل واختطاف من وقت لآخر. وهل ما فعلته قناة «موزة وحمد» سوى نموذج من هذا الإعلام الفاسد الذى زين للشيطان انتهاك حرماتنا وهتك أعراضنا واغتصاب أرضنا ونهب ثرواتنا؟! فيا أصحاب الأجندات الخارجية والداخلية.. ويا أصحاب الأهواء والاتجاهات المعادية لمصر والأمة.. يا من تأكلون وتشربون وتتعلمون وتقيمون على أرضها وتحت سمائها ثم تخونوها.. قلنا وسنظل نقول حتى آخر نفس فى حياتنا إن «الحياد» فى الظروف الحرجة التى نمر بها الآن «خيانة».. التعاطف مع إخوان إبليس.. «خيانة».. محاولة هدم الدولة وتشويه صورة القوات المسلحة والداخلية ورجالها.. «خيانة».. إحباط الشعب وتنفيره من إنجازات قيادته السياسية..«خيانة».. نقل بذاءات الإخوانى عبدالمنعم أبوالفتوح ومن على شاكلته مؤخراً وقبل ذلك ضد الرئيس وثورة ٣٠ يونيو.. «خيانة». أكتب كلماتى ناصحاً لا عدواً.. أميناً على إعلامنا وزملاء المهنة لا محابياً أو متسلقاً فمشكلة بعض وسائل الإعلام فى مصر كما هى فى دولنا العربية على السواء أنها لم تفهم بعد أن التواصل مع المتلقى أصبح فى أشد الحاجة إلى السرعة والوضوح والصدق ثم العمق فى العرض والتقديم والتحليل والنقد فى كل ما تنشره.. أما أن تظل هذه الوسائل بنفس «الكلاحة» و«التنطع» و«الملل» و«القرف» و«العمالة» و«الخيانة».. فهى بذلك تتعمد وعياً أم غباءً غلق أبوابها ـ كل أبوابها ـ أمام التطور والنمو والإبداع حتى تحافظ على مشاهديها وقرائها ومستمعيها.. بل تزيدهم يوماً بعد يوم.. لا أن تخسر منهم العشرات والمئات والآلاف كل لحظة.. مش كدة ولا إيه؟