رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حتى لا يصبح القضاء المصرى ملطشة


جاءت بعض التعليقات على قرارات النيابة وأحكام المحاكم من شخصيات عادية وأخرى اعتبارية وبعضها محلى وبعضها خارجي، وفى تصورى أنه من الضرورى أن يكون هناك إجراء فى مواجهة الجميع، فقد جاءت بعص التعليقات من منظمات مثل منظمة العفو الدولية ، وهيومان رايتس ووتش، كما جاءت بعضها من البرلمان الأوروبي، وجاء بعضها منافياً لجميع الاعتبارات.

مع بداية صدور الأحكام فى القضايا المتعلقة بالإرهاب نلاحظ أن كثيراً من التعليقات المحلية والأجنبية لا تحترم قدسية القضاء المصرى وأحكامه، ووجدنا كل من هب ودب يعلق على هذه الأحكام بداية بقرارات النيابة إلى أحكام محكمة النقض، فى محاولة لهز ثقة الشعب فى النظام القانونى وأحكام المحاكم وضمن محاولات المنظمات الإرهابية إسقاط الدولة، حيث نلاحظ أن بعض هذه التعليقات تقول صراحة إن الأحكام مسيسة، فى حين هناك تعليقات أخرى لا تقولها صراحة ولكن مفهومها كذلك، وقد جاءت التعليقات على الحكم على أحمد دومة وزملائه فى القضية لتقارن بين توافر الأدلة فيها وعدم توافر الأدلة فى قضايا أخرى صدرت فيها أحكام بالبراءة، كذلك جاء الحكم فى قضية مجلس الوزراء وحرق المجمع العلمى لتقول إحداهن أن هناك من دفع ونال البراءة، وهى أمور أخطر ما فيها أنها تسعى إلى تقويض الثقة فى القضاء، وهو ما يجب أن نرفضه رفضاً تاماً، والأخطر أن تمر بعض هذه التصريحات دون محاسبة.

الأساس أن القضاء وأحكامه لا يجوز التعليق عليها، وإنما يجوز الطعن فى صحتها بالطرق القانونية حتى نحفظ أساس المجتمع، فالقانون هو ما اتفق المجتمع عليه من قواعد لتنظيم الحياة، ويفترض أن يعرف المواطن حقوقه وواجباته وما له وما عليه من خلال التعرف على القانون، وإذا شعر المجتمع أن القانون لم يعد ملائماً فعليه أن يغيره، ويظل القانون سارياً إلى حين تغييره، ولا يجوز محاسبة شخص على جريمة استحدثت بعد إتيانها، فهناك شرط ألا تكون الأحكام بأثر رجعى.

لقد جاءت بعض التعليقات على قرارات النيابة وأحكام المحاكم من شخصيات عادية وأخرى اعتبارية وبعضها محلى وبعضها خارجي، وفى تصورى أنه من الضرورى أن يكون هناك إجراء فى مواجهة الجميع، فقد جاءت بعص التعليقات من منظمات مثل منظمة العفو الدولية ، وهيومان رايتس ووتش، كما جاءت بعضها من البرلمان الأوروبي، وجاء بعضها منافياً لجميع الاعتبارات، أما تعليقات الأفراد وبعضها صادر عن شخصيات مسؤولة فى بعض مؤسسات الدولة ومن بعض الإعلاميين ومن بعض المشاهير وفى رأيى أن مثل هذه الأمور يجب ألا تمر مرور الكرام.

قد يكون الأمر قد استفحل بحيث أصبح من الصعب حصر أولئك الذين تورطوا فى مثل هذه التصريحات، لذا فإن معالجتها يجب أن تتم بحكمة، حيث يجب أن يوجه مجهود كاف لتبصير الجميع بمخاطر التعليق على أحكام القضاء «بعض من تورطوا هم من أساطين القانون» والإنذار بأنه سيصير متابعة من يتورطون فى مثل هذه الممارسات كما ستجرى محاسبتهم، وأن يبدأ الحساب خفيفاً ويجرى تشديده تدريجياً ومع كل تكرار للوقوع فى الخطأ، حتى نصل إلى فرض احترام أحكام القضاء وقراراته احتراماً تاماً. كذلك فإن من يدعون بوجود مخالفات أن يقدموا أدلتهم على ما يقولون، وإلا حوسبوا على ذلك. إن هذا يتطلب متابعة من المسؤولين خاصة لمن يدعون بأخطاء أو فساد فى القضاء لمطالبهم بالأدلة.

يبقى أن التعامل مع الجهات الأجنبية قد يحتاج أساليب أخرى مناسبة، وإذا كان الامتناع عن التعاون مع هذه الجهات قد لا يكون مناسباً، فإن هناك أساليب مختلفة يمكن اتباعها، فأقل ما يمكن بالنسبة للجهات الرسمية الأجنبية أن نستدعى ممثليها لدينا ونبلغهم احتجاجنا، وإخطارهم بأن هذا السلوك سيؤثر على درجة تعاوننا معهم، وأن نطالبهم بتقديم الأدلة التى لديهم على ما يدعونه، ولانكتفى بالإبلاغ، بل يجب أن يشعروا أن علاقتهم بنا قد تأثرت فعلاً، وبأنها مرشحة للتدهور. هذا بالنسبة للجهات الأجنبية الرسمية، أما الجهات غير الرسمية أمثال منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش فيجب أن تعلم أنها لن تكون مرحباً بها ولا تتوقع تعاوناً معها منا، وأن يتم ذلك فعلا، وأن تتخذ حيالها إجراءات قانونية تتعلق بإهانة القضاء.

إن الإجراءات السابقة تشكل ضرورة ملحة لتنفيذها حتى لا يتحول القضاء المصرى إلى ملطشة يفعل أى شخص او منظمة بها ما يريد دون وازع أو ضابط أو رادع، ونفرض احترامه واحترام قراراته وأحكامه، مع الاستمرار فى الرقابة الشديدة عن طريق التفتيش القضائي، ضماناً لاستقرار المجتمع وقيمه.

خبير سياسى عسكرى