رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القتل والتدمير لن يكون طريقاً لحكم مصر


لعل أكثر ما يثير القرف والضيق، مع مرارة الإحساس بسقوط الأبرياء، هو أن الإرهاب ليس لديه تصور، أو حسب ما هو شائع «برنامج اقتصادى وسياسى وثقافى»، فكيف يلد الإرهاب برنامجاً للتقدم، فيما يلد كل يوم ما يندرج تحت اسم «التخلف»؟

هل وصل الغباء بالإرهاب إلى الحد الذى جعله يعتقد أن ترويع الوطن بالقتل وتدمير المنشآت العامة، وخلق حالة من الفوضى، سوف تقوده إلى كرسى الحكم؟!

لدينا ثلاث مسائل تعبِّر كلها عن غباء سياسى منقطع النظير: أولاً: يتحول شعب مصر الوديع المسالم عندما يفقد صبره،إلى أسد. فهل نسى هؤلاء القول الشائع: «يا روح ما بعدك روح»؟ وهى عبارة نسمعها فى كل مكان عندما يصل الأمر إلى الموت. هل يمكن أن يهدأ أو يطمئن من فقد صديقاً أو ابناً أو أباً أو أماً، أو أخاً أو أختاً، وقد دخل الإرهاب، ومعه الموت إلى عقر دار الأسرة المصرية: الشعب المصرى بقواته المسلحة وشرطته المدنية؟ كل هؤلاء يطالبون بالقصاص، ولا يقبلون بغير ذلك. وليعلم الذين ظلموا أنه إن كانت هناك فرصة لعودة من أراد العودة إلى الحياة السياسية، فقد ولت إلى غير رجعة.

ثانياً: هل يمكن للإرهاب بكل ما يملك أن يحارب القوات المسلحة المصرية؟ الجواب: بكل تأكيد لا. فحوادث القتل والسيارات المفخخة وغيرها لم تهزم أى جيش مهما كان فى التاريخ القديم والحديث معاً. وقد ذكر أحد الأغبياء أمامى حرب فيتنام نموذجاً. فقلت له هذا موضوع مختلف تماماً عن داعش، وعن كل ما تفرع عنها، وعن كل ما ولِدَ فى أحضان الإخوان، ووجه الاختلاف هو وجود الصين وروسيا (الاتحاد السوفيتى) خلف حرب فيتنام، وإحجام القيادات العسكرية الأمريكية عن إطلاق قوى التدمير.

وعجبت لهذا الشخص عدم ذكره لغزة والضفة الغربية، وهى أقرب جغرافياً وأقرب إلى وعينا السياسى والتاريخ المشترك، فهل استطاعت حماس أن تهزم الجيش الإسرائيلى؟ هل توجد معركة عسكرية واحدة تؤيد ذلك؟ الجيش الإسرائيلى مشغول بهدم البنية التحتية، وإصابة قطاع غزة بالعجز الاقتصادى والعسكري. وإذا تحول الصراع ضد جيش مصر، وأصبحت غزة محاصرة بين إسرائيل ومصر، فما مصير حماس؟

إلى هذا الحد يصل غباء العقل الانتحارى. ثالثاً: ولعل أكثر ما يثير القرف والضيق، مع مرارة الإحساس بسقوط الأبرياء، هو أن الإرهاب ليس لديه تصور، أو حسب ما هو شائع «برنامج اقتصادى وسياسى وثقافى»، فكيف يلد الإرهاب برنامجاً للتقدم، فيما يلد كل يوم ما يندرج تحت اسم «التخلف»؟

ولأن الخوف ليس طريقاً للتحرر، ولا هو قوة للتقدم، ولأن الاعتداء على المنشآت والمرافق العامة هو تخريب قذر، فسوف تبقى مصر رافعة الرأس دائماً رغم الجراح والأحزان. رَحِمَ الله شهداء مصر الذين أعطونا قدوة فى عدم قبولنا الاستعباد. وسكب الله عزاءً وسلاماً فى قلوب كل أسرةٍ فقدت عزيزاً عليها. تحيا مصر.

أستاذ الدراسات اللاهوتية بالجامعات الأمريكية