رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نهضة مصر عين ثاقبة ويد عاملة


النهضة هى التغييرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية، الارتقاء بعد الانحطاط، وبمعنى آخر هى حركة ثقافية وعلمية تطول كل الجوانب من أبسطها إلى أعقدها، ومن أهم العوامل التى تساعد على التسريع بالنهضة هو إصلاح حقيقى للتعليم فى جميع مراحله، وأعمال العقل واتباع التفكير المنطقى والأسلوب العلمى فى جميع مناح الحياة، فالنهضة هى رؤية جديدة للحياة والواقع لتغييره، ويجب أن تنعكس على الفنون والآداب والعلوم والأخلاق، لكى يتحقق التقدم السريع على المستوى الفكرى والتقنى والقضاء على مقومات التخلف، وإذا كانت الحملة الفرنسية على مصر بقيادة «نابليون» أواخر القرن الثامن عشر لها الفضل فى الاتصال الثقافى والعلمى بين الغرب والشرق، فقد حمل لواء هذه النهضة بعض المفكرين المصريين، فنادوا بالدعوة للتحرر ومن أهم هؤلاء رفاعة الطهطاوى الذى نادى بتبنى الدعوة لتنشر العلوم الأوروبية واعتبرها سر تقدم أوروبا، كما حاول أن ينقل نمط المجتمع الباريسى للمجتمع المصرى، وعمل على التوفيق بين بعض مواد الدستور الفرنسى وبعض قواعد الشريعة الإسلامية.. وقامت نهضة الدول التى سبقتنا على أسس علمية وخطط استراتيجية مدروسة بدقة، من خلال علماء حقيقيين وطنيين، أياديهم مغروسة فى مشاكل وطنهم، وعقولهم وقلوبهم مهمومة بالأغلبية الساحقة من فقراء بلدهم، رأت عيونهم الثاقبة الأسباب الحقيقية لمشاكلهم ووضعتها فى مجالات مختلفة لتحدد خطة محدودة بالزمان والمكان والمسئولية والتكاليف الواقعية، وتخدم القطاعات التى أهملت عدة عقود .وأجمع الكل على أن التعليم هو أساس أى نهضة ووجود زعيم لديه رؤية، مع انشغاله الدائم بتحقيق نهضة حقيقية لمصر . ولم تعد النهضة الأوروبية هى النموذج الذى تتطلع إليه أى دولة لتنهل منه، فقد أصبح لديناعدة نماذج فى آسيا وأمريكا اللاتينية تثرى لدينا مجالات أوسع لاختيار نهضتنا، مع الاحتفاظ بخصوصيتها المصرية، وهذا ما جعلنى أطل على الدول التى تشابهت ظروفها مع الواقع المصرى إلى حد ما، فوجدت ماليزيا التى استقلت عام 1957، ذات العناصر العرقية والمذهبية المتعددة، واقتصادها القائم على الزراعة، فحولته إلى اقتصاد قائم على التصنيع ثم الإنتاج، فالتصدير لخلق فرص عمل للشباب، وخرجت ماليزيا من صفوف الدول المتخلفة إلى مصاف الدول المتقدمة، وأرجع أحد الكتاب سر نهضة ماليزيا إلى اهتمام الدولة بالمواطن وإشراكه فى القضايا الاقتصادية التى تهمه عن طريق المجالس والجمعيات المختلفة، وعندما سأل أحد الاقتصاديين العرب عاملاً ماليزياً عن سر المعجزة التى حققتها ماليزيا، أجاب ببساطة «لقد طلب منا العمل ثمانى ساعات فى اليوم فعملنا ساعتين إضافيتين كل يوم حباً فى الوطن».. ووضعت الصين عدة محاور للتقدم نحو القرن الحادى والعشرين منها: تطوير التعليم، تعزيز التقدم العلمى، تحسين الإدارة والهياكل الاقتصادية، إرساء أساس التكنولوجيا للاقتصاد الوطنى والتطور الاجتماعى وتحسين أحوال السكان بصورة كبير. والكلام لك ياجارة.

عضو اتحاد المؤرخين العرب