رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"خبير اقتصادي" ضخ الدولار بالبنوك يقضي على السوق السوداء للعملة

صور أرشيفية
صور أرشيفية

قال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إنه على الرغم من أن سياسة الحفاظ على قيمة الجنيه عملت على إرساء مبدأ استقرار اسمى للعملة فأنها إيضا لها تأثير على زيادة تآكل القدرة التنافسية لمصر، لافتا إلى أن قوة الدولار الأمريكى وارتفاع معدلات التضخم المحلى نتج عنهما ارتفاع حاد فى سعر صرف الجنيه الحقيقى بشكل فعال بالمقارنة بمتوسط النسبة منذ عشر سنوات.
وأضاف أن استمرار التقلبات المتعددة فى أسعار صرف العملة المحلية فى مقابل العملات الأجنبية يمثل قلقاً مستمراً لدى أصحاب رؤوس الأموال الراغبين فى الاستثمار بمصر، موضحاً أن هذه التقلبات تغير تقييمات الفرص الاستثمارية المتاحة حسب المجال الذى ينتمى له، ومدى ارتباط نشاطه سواء بالتصدير أو الاستيراد.
وأكد أن أسعار صرف العملات الأجنبية فى السوق المحلية ما زالت التحدى الأكبر أمام المستثمرين الراغبين فى دخول مصر، ما دفع البنك المركزى إلى زيادة مرونة سعر الصرف فى العام الحالى لضمان موازنة أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه.
أوضح أن ما يحدث الآن ليس تعويما كاملا للجنيه أمام الدولار وإنما تحرير مشروط لعدم وجود موارد كافية للسيطرة على جميع طلبات الشراء، منوها إلى أن البنك المركزي يضخ مزيد من النقد الأجنبي للسيطرة على سعر الدولار في السوق السوداء فى محاولة لتقليل فارق السعر بين السوق الموازية والرسمية.
ويرى أن توقيت هذه الإجراءات مع اقتراب مؤتمر شرم الشيخ وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي نسبيا والثقة الدولية في الاقتصاد المصري وتراجع عجز الموازنة بعد تراجع أسعار النفط يعزز وجهة النظر بأن الحكومة تسعى لتشجيع الاستثمار والتصدي للسوق السوداء في العملة.
طالب عادل بضرورة ضبط الطلب على الدولار من خلال ترشيد فتح الاعتمادات للاستيراد من السلع الكمالية، وكذلك التحويلات للخارج مع ضرورة زيادة حصيلة التصدير وتحويلات المصريين بالخارج والسياحة والاستثمار الأجنبي المباشر لكي يسترد الجنيه المصري قوته من جديد، مشيرا إلى أن نجاح خطة المركزى للقضاء على السوق السوداء للعملة مرهون بقدرته على ضخ الدولار ما يلبى احتياجات البنوك العاملة فى السوق المحلية لتوفير الاعتمادات المطلوبة للعملاء وخاصة المستوردين.

أشار إلى أن الفترة الانتقالية التي يعيشها الاقتصاد المصري حالياً تحتاج إلى إدارة رشيدة لسعر الدولار أمام الجنيه حتى يلتقط الاقتصاد أنفاسه وتزيد الموارد من النقد الأجنبي إلى المستويات التي يتم خلالها تلبية كافة احتياجات الطلب وإلغاء السوق السوداء.
وأكد أن القيمة الحقيقية للجنيه أمام الدولار سوف تتحدد عندما يستقر الاقتصاد وتزيد موارد الخزانة العامة من سلة العملات وليس في الوقت الحالي منوها إلى أن إطلاق السعر الحقيقي للدولار أمام الجنيه أفضل من التعامل بأسعار غير واقعية، وأن الخطوة التي يقوم بها البنك المركزي نحو تصويب أسعار سعر الصرف شيء جيد.
اضاف أن الإجراءات التى يتخذها البنك المركزى لمواجهة تجارة العملة الخضراء فى السوق السوداء "الموازية" جيدة لخلق سعر صرف للدولار متوازن، بما يؤدى إلى إعادة ثقة المستثمر الأجنبى للسوق المصرى، كما تشجع المواطنين وأصحاب الشركات والمستثمرين على بيع ما لديهم من الدولار للبنوك.

وأوضح أن إجراءات البنك المركزى ترجع فى المقام الأول إلى احتياج السوق لمزيد من السيولة لمكافحة سماسرة الدولار فى السوق الموازية، خصوصًا عقب الارتفاعات التى حققها الدولار الأيام الماضية، فى ظل تراجع حجم الموارد من النقد الأجنبى والتى تتمثل فى تراجع أنشطة السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، واقتصار موارد الدولة الدولارية على إيرادات قناة السويس السنوية وتحويلات المصريين فى الخارج.
وأشار أن المضاربات هى ما تحرك السوق السوداء الآن، فالبعض يتوقع أن يرتفع السعر الموازى ولكن مع تقليل السوق الرسمية للفجوة السعرية، سينخفض الطلب عليهم، وبالتالى تنتهى السوق السوداء.

أضاف عادل، أن النظرة الاقتصادية تبدو أكثر إشراقا لوجود تركيز أكبر لتحفيز النمو، لافتا إلى أنه على الرغم من معدلات التضخم فإن المركزى فاجأ السوق بخفض أسعار الفائدة 0.5% وهذا يقارن بحالة الخفض التى اتبعها المركزى فى ديسمبر 2012، على الرغم من ذلك فإن الأولويات تستهدف معدلات فائدة أقل وبقيمة منخفضة للعملة لعام 2015، مؤكدا على أنه فى النهاية يجب أن تثبت سياسة خفض الجنيه نجاحها من خلال المساعدة على إحياء تدفقات راس المال، مشيرا إلى أن استقرار الجنيه يعتبر عاملا رئيسيا لعودة المستثمرين لضخ استثمارات فى المحافظ الأجنبية.
كشف عادل عن أن تخلى المركزى عن قيمة الجنيه قد يؤدي إلى زيادة مؤقتة للضغوط التضخمية الفترة المقبلة إلا أنه إذا كانت سياسة خفض الجنيه موثوق بها ومرفقة برفع ضوابط رأس المال، فإنه يتوقع انتعاشا قويا فى الاستثمارات الأجنبية سواء المباشرة أو في سوق المال المصري أو في إصدارات أدوات الدين من أذون وسندات الخزانة، مؤكدا على أن هذه الإجراءات تأتي للاستفادة من فرص انخفاض العجز فى الحساب الجارى الحالى وارتفاع فرص حدوث تحسن فى تدفقات الاستثمارات.
وأكد على حسن اختيار التوقيت لتنفيذ هذا الإجراء، خاصة أنه إذا كان قد تم تنفيذه في وقت سابق فإن الوضع كان سيستمر كما هو وكانت ستشهد البلاد تراجعات أخرى فى مستويات الاحتياطى، لافتا إلى أنه قد يكون التوقيت الذي اختاره البنك جيدا للسماح بالجنيه بالهبوط مقابل الدولار مع تراجع أسعار السلع العالمية جراء هبوط أسعار النفط إيجابيا بالفعل، ولكن يتعين على الحكومة في نفس التوقيت تشديد الرقابة على الأسواق المحلية فالكثير من التجار يلجأون لرفع أسعار السلع بمجرد هبوط الجنيه حتى إن تراجعت أسعار تلك السلع المستوردة من الخارج أو التي يدخل في تكوينها مواد يتم استيرادها من الخارج.

وقال إن بعض المصانع اتجهت إلى استخدام الخامات المحلية لتقليل التكلفة دون التأثير على الجودة، مؤكدا على أن الأمر يختلف من شركة أو مصنع إلى آخر، مؤكدا على أن سوق الصرف شهد خلال الفترة الماضية بعض الممارسات الضارة ولابد من التصدي لها بكل حسم ووقف النزيف الوهمي على الدولار الذي يستخدم في استيراد سلع استفزازية لا تحقق مصلحة للمستهلك.

أضاف إن إنشاء سوق للسندات المصدرة من قبل الشركات ذات عمق مالي وسيولة وفيرة يساهم في تقليص الاعتماد على التمويل المصرفي كما أنه سيؤدي إلى زيادة تنويع مصادر التمويل عبر فئات مختلفة من الأصول.
إلى جانب ذلك، سوف يساعد إنشاء سوق لسندات الشركات في تقليل المخاطر الناجمة عن تقلب أسعار الصرف، كما أن تأسيس سوق فعال لسندات الشركات سوف يوفر العديد من المزايا الإضافية لمصدري السندات، والمستثمرين، والاقتصاد بوجه عام.

كشف عن أن الانخفاضات المتكررة لأسعار البترول تزيد من بريق السوق الاستثمارية المصرية، كما لفت للموجة الصعودية التى بدأتها مؤشرات البورصة مطلع العام الحالى، موضحًا أن هذه المؤشرات تدفع الحكومة لاستثمار تلك الإيجابيات فى سبيل جذب مزيد من رؤوس الأموال للبلاد.
وأوضح أن متوسطات عوائد ربحية الاستثمارات العاملة فى مصر خلال 2015 ستدور حول 14 مرة من رأس المال، وهى القيمة التى وصفها بالرخيصة أمام المستثمرين، مشيرا إلى أن تقييمات الفرص الاستثمارية فى مصر خلال 2015 ستختلف من قطاع لآخر، موضحاً أن التحديات الاقتصادية التى تمر بها مصر، تختلف حدة تأثيرها من قطاع لآخر.
أشار عادل إلى أن تعادل قوى الطلب على الدولار مع توفر المعروض الدولارى عند مستوى معين هو شرط اختفاء الفجوة بين السعرين والضامن الوحيد لتشجيع العملاء على بيع الدولار بالبنوك، راهنا تعادل قوى العرض والطلب بتدفق الموارد بالنقد الاجنبى داخل السوق المحلية وضخ كميات كبيرة من الدولارات لتضيق الفجوة بين الطلبات المتكدسه داخل البنوك ونقص العرض.
أكد أن محاربة السوق السوداء لتداول النقد الجنبى لن تتم فى الاجل القصير، وانما تتطلب إتخاذ العديد من الإجراءات إلى جانب تفعيل الآليات المناسبة فى التوقيت المناسب لضمان الوصول للنتائج المستهدف تحقيقها، مشيرا الى أن تخفيض قيمة الجنيه المصري ليس كافيا للقضاء على السوق السوداء بشكل قاطع ونهائي موضحاً أن الأمر يتوقف بشكل أساسي على مدى تغطية المعروض من الدولار الأمريكي لحجم الطلب عليه، موضحا أن الأمور لن تتحسن فى يوم وليلة، ولكن هناك مؤشرات إيجابية من بينها زيادة معدلات تنازل العملاء عن الدولار للبنوك بدلاً من سحبه وبيعه فى السوق السوداء، مشيرا الى انه مع زيادة عمليات التنازل عن الدولار فى المستوى المتوسط ستتمكن البنوك من تغطية كافة احتياجات العملاء.
طالب نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل بإصدار قرارات تدعم قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه مثل تشديد الرقابة علي الجمارك والحدود لمنع التهريب، وبيع جزء من حصيلة السياحة والصادرات للبنوك، وحصر خسائر العملاء من التعويم وتعويضهم وقيام البنوك بتشكيل مجموعات عمل تقوم بالسفر لمختلف الدول العربية التى بها تواجد للعمالة المصرية وعرض منتجات مصرفية بنشاط الودائع والتجزئة المصرفية (شراء عقارات وسيارات) تكون موجهة فقط للعاملين بالخارج وذات أسعار خاصة فقط للعاملين بالخارج، والحرص عند فتح الاعتمادات الخاصة بالاستيراد لمنع تسرب نقد أجنبى من داخل مصر لخارجها وذلك بدقة تطبيق معايير قاعدة اعرف عميلك منوها إلى أن الواقع يفرض ضرورة الوقوف على الأسباب الحقيقية للارتفاع الكبير المتوالى والمتتالى للواردات بات أمراً حتمياً وهاماً من أجل علاج حقيقى لأزمات متعددة.