رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما نوع لسانك ؟


يحكى أن «لقمان الحكيم» قد قضى فترة من شبابه يعمل لأحد الأشراف . فى يوم من الأيام، أمره سيده أن يذبح شاه وأن يشوى له أطيب ما فيها، فذبح « لقمان» الشاة وأتى سيده بلسانها ... فى اليوم التالى، أمره سيده بذبح شاة أخرى وأن يأتيه بأخبث ما فيها، فذبح « لقمان» الشاه وأتى سيده بلسانها أيضاً.... فتعجب سيده وسأله عن السبب ؟ ... فقال « لقمان»: «يا سيدى .. لا شىء أطيب من اللسان إذا طاب وزُين بالصدق، ولا شىء أخبث من اللسان إذا خبث وكذب .....

صدقت يا لقمان يا حكيم ...فما أطيب اللسان الصادق وما أخبث اللسان الكذوب .... لكن ... هل ٍسألنا أنفسنا يوماً ما نوع لساننا؟ هل صمت لحظة، وسألت نفسك يوماً، ما نوع لسانى؟ ....

هل لسانك من النوع العفيف، الطيب، المستغفر، الشكور، التواب، الحامد، المسبح، القوى فى الحق، لا يخشى لومة لائم، الصادق، المتأنى، الصامت عن أذى الناس وإطلاق الشائعات عنهم، الصامت عن ذمهم واغتيابهم، الصامت عن الوقيعة بين الناس ؟ ..... أم لسانك من النوع الخبيث، السليط، المتسرع، المغتاب، النمام، اللعان، المستهزىء بالآخرين، الوقح، المجادل، المستفز، الكذوب، المنافق، الشتام، السباب، الذمام ؟.

لقد تأملت زماننا الآن، ووجدت أننا نعيش فى زمان وصفه الإمام على بن أبى طالب: «أنكم تعيشون فى زمان القائل فيه بالحق قليل .... واللسان فيه عن الصدق كليل .... واللازم فيه للحق ذليل ... أهله منعكفون على العصيان ...فتاهم ارم... شيخهم آثم ... عالمهم منافق ... قاربهم لا يحترم صغيرهم كبيرهم ... ولا يعول غنيهم فقيرهم...»

صدقت با إمام ...أليس هذا هو حالنا الآن ؟ أليس هذا هو زماننا ؟.

فنحن نعيش فى «زمان قبح اللسان» .... قبح الكلمات .... قبح الأفعال .... قبح المعانى والألفاظ .... قبح المشاعر من حقد وكره وبغيضة وغيرة، وحسد، وشماتة...!!!

للأسف ... هذا هو حالنا جميعاً.... فأغلبنا لم يتعرف على أكبر خطايا الإنسان.... ولم يتمعن فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم « أكثر خطايا بن ادم فى لسانه». كما ربط رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الإيمان باللسان فقال : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت».. أما عن طريق النجاة فقد أجاب شفيعنا عندما سألوه : «ما النجاة ؟ . قال : « امسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك».

من منا يمسك لسانه !!! من منا يقل خيراً أو يصمت !!! من منا لا يغتاب بلا سبب أو مبرر!!! لقد أصبح « قبح اللسان» هو لسان حالنا الآن، وأصبح مجتمعنا يلفظ من يجده قليل الكلام، عف اللسان، من لا يشارك فى النميمة ...!!!!

والآن ... هل تعرفت أنت على نوع لسانك ؟!!! احذر...كلما كان العقل صغيراً، كان اللسان طويلاً... وكلما كان العقل متزناً، كان اللسان حكيماً. موعدنا الأحد المقبل إن شاء الله