رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمن القومى.. وحروب الجيل الرابع «١-٢»


يُعرف الأمن القومى بأنه قدرة الدولة على التنمية فى المجالات المختلفة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والعسكرية فى إطار من نظام الاستقرار الداخلى لحماية كيانها الذاتى ومنجزاتها الحضارية... من خطر القهر على يد قوة خارجية أو داخلية غير شرعية لغرض أوضاع لا تتفق مع مصالحها القومية، ويتأثر الأمن القومى بالتهديدات الداخلية والخارجية المباشرة وغير المباشرة.
نتيجة الحروب التقليدية وحديثاً بدأت تظهر حروب الجيل الرابع والتى تستنزف قدرات ومقدرات الدول ويؤكد التاريخ أن الدول غالباً ما تلجأ للحروب والصراع المسلح للوصول إلى أهدافها السياسية والتى تتحقق بالأعمال العسكرية بعدما تُستنزف جميع الوسائل الأخرى.

ونظراً للتكلفة الباهظة للحروب التقليدية تغيرت الاستراتيجيات العسكرية لتظهر فكرة حروب الجيل الرابع أو ما تسمى الحروب غير النمطية Asymmetrical War Fight والتى تغنى الدول الكبرى عن فقد الأرواح والمعدات فى صفوفها. وأن السلاح الرئيسى فى هذا الجيل الجديد من الحروب هو القدرات العقلية، والقدرات الاستخباراتية والعمليات النفسية وليس الأسلحة التقليدية وهى أقوى أثرًا وأوسع انتشارًا وأكثر فاعلية. وتقسم الحروب إلى عدد من الأجيال وفقا لتطور الاسلحة والعتاد الحربى وأسلوب استخدامه فى كل حقبة زمنية كالآتى:-

الجيل الأول.. وهى الحروب التى استقدمت فيها الأسلحة البيضاء مثل السيوف والحراب والتى تعتمد على الالتحام بين المقاتلين، وجرى خوض الحروب بها على مدى اكثر من 3500 عام.

الجيل الثانى.. وظهر فى العصور الوسطى بعد اختراع البارود.

الجيل الثالث.. وظهر بعد اختراع الصواريخ والطائرات وتطوير السفن الحربية، وظهر جلياً فى الحرب العالمية الأولى والثانية والحروب التقليدية التى تلتهما.

ويعتبر «برنارد لويس» الامريكى الجنسية خلال حكم إدارة الرئيس الأمريكى «رونالد ريجان « وبتكليف من وزارة الدفاع الامريكية «البنتاجون» اول من طرح هذا الفكر والخاص بتفكيك وتفتيت الدول العربية والإسلامية إلى مجموعة من الدويلات العرقية والمذهبية والطائفية. وفى عام 1993 م تنبأ المفكر الأمريكى «صمويل هنتنجتون» بأن يكون الصراع القادم صدامًا بين الحضارات وليس اقتصاديًا أو أيدلوجيا وأن اطثر الحضارات تأثيرًا على الحضارة الغربية هى الحضارة الإسلامية والحضارة الكونفوشيوسية، أى «النفط والصادرات الصينية» وحذر الغرب من تحالف الحضارة الإسلامية مع نظريتها الكونفوشيوسية وأصدر كتابا بعنوان «صدام الحضارات وإعادة صياغة أنظمة العالم» للتحدث على أن الغرب لابد له من عدو جديد تتوحد به صفوفه وأن العالم الإسلامى هو العدو المرشح لذلك، كما تحدث عن الدولة الفاشلة وهى العاجزة عن أداء وظائفها لفترة طويلة من الزمن.

والهدف من حروب الجيل الرابع ليس فقط القضاء على قدرة الأمم على شن عمليات عسكرية خارج حدودها ولكن الهدف هو انهاك وتآكل الدولة المستهدفة ببطء وثبات وزعزعة الاستقرار بقوات غير نظامية من الدولة الهدف، من خلال تدريب النشطاء والطابور الخامس فى الإعلام على المناداة بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فى الدولة الهدف.

التكتيكات والأدوات المستخدمة فى حروب الجيل الرابع هى: إنهاك الاقتصاد من خلال الأزمات المفتعلة والمطالب الفئوية والإعتصامات المتكررة.. التفجيرات الدموية والعنيفة والعمليات الإرهابية التى تستهدف النيل من مؤسسات الدولة «وخاصة القوات المسلحة والشرطة» وتنفذ من خلال جماعات العنف المسلح.. عمليات التضليل السياسى والإعلامى وصرف الأنظار عن حقيقة الأحداث السياسية والاقتصادية التى تمر بها البلاد.. المهام الخاصة لشبكات التجسس والأعمال المخابراتية وجمع المعلومات بهدف إذكاء الصراع والاقتتال الداخلى.. الحرائق وتفجير أبراج الكهرباء والأزمات المفتعلة التى تؤدى إلى إرهاب الدولة وتبديد جهودها.

وللحديث بقية.

خبير استراتيجى