رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نظرةٌ عابرة من خارج الدائرة «2-2»


نستكمل اليوم حديثنا عن بعض الموضوعات التى برزت خلال الفترة القليلة الماضية، وشغلت الرأى العام المصرى من خلال وسائل الإعلام المختلفة، ورأيت ضرورة التعليق عليها لما لها من أثرٍ مباشر على الصورة الذهنية التى تتشكل الآن لدى المواطنين عن الأحداث التى يشهدها الوطن، وثقتهم فى خطوات الانطلاق الحقيقى للمستقبل الأفضل التى بدأت بثورة 30 يونيو 2013.
 واستكمالاً لما عرضناه فى مقالنا السابق عن الأحاديث التى تدور حول الانتخابات البرلمانية القادمة، فإننى أرى أن حديث البعض عن القائمة التى يعكف على إعدادها الدكتور الجنزورى، حديثاً لا يخلو من الريبة وسوء القصد, ذلك أنه من الناحية القانونية فليس هناك ما يمنع المستقلين من خوض الانتخابات بقوائم خاصة بهم مثل غيرها من القوائم الحزبية، ومن الناحية السياسية فإن ثقل تلك القائمة فى الانتخابات يعتمد على شخص ومكانة الدكتور الجنزورى وحنكته فى تكوين عناصرها وليس على منصبه الوظيفى، وحتى مع افتراض أن منصبه يمكن أن يخلق إحساساً شعبياً بأن مؤسسة الرئاسة تؤيد تلك القائمة، فما العيب فى ذلك طالما أن التأييد لم ينقلب إلى مؤازرة مادية؟ أليس من حق مؤسسة الرئاسة أن تؤيد أياً من الكتل السياسية التى تتوافق معها فى المنهج الذى أقره الشعب؟

أما الموضوع الثانى فهو ما أذاعته مواقع التواصل الاجتماعى من تسجيلات صوتية منسوبةٍ لقيادات بداخل مؤسسة الرئاسة وقيل إنها جرت فى أعقاب إحالة الرئيس المعزول للمحاكمة، وكانت بصدد البحث عن تقنين قانونى لمكان حبس المذكور، فأرى أن مضمون الحديث يشكك فى ذاته، ذلك أن عدم قانونية مكان الحبس لا ينال من صحة حبس المتهم وإن كان يمكن أن يرتب مسئوليات إدارية على القائمين بتنفيذ الأمر،وتلك قاعدةٌ قانونية لا أظن أنها تغيب عن المنسوب إليهم التسجيلات، ومن ثَمَّ لم تكن لهم حاجة للبحث عن وسيلة ملتوية لإضفاء القانونية على مكان الحبس، كما لا أظن أنها تغيب عن هيئة دفاع المتهمين التى أثارت زوبعة لأغراضٍ سياسية وليست قانونية. هذا بالإضافة إلى أن طول الفترة الزمنية بين التاريخ المفترض لهذه الأحاديث المسجلة وتاريخ تسريبها يدل بجلاء على اصطناعها، لأنها لو كانت حقيقية لكان منطقياً طرحها فى أولى جلسات محاكمة المعزول.

وأما الموضوع الثالث فهو ما تناولته إحدى الفضائيات عن سابقة إصدار وزير الصناعة لقرار بمنع استيراد التوك توك لاعتبارات الصالح العام، ثم إصداره لقرارٍ عكسى باستيراد مكوناته لمصلحة إحدى الشركات المحلية التى قامت بتصنيعه. وفى مداخلته الهاتفية دافع الوزير عن نفسه مدعياً أنه أصدر قراره الثانى بناءً على طلب وزارة الداخلية، إلا أن الأخيرة نفت ذلك!! إن هذه الواقعة تشكل كارثةً فى الإضرار بمصلحة الوطن فضلاً عن الجريمة الشنعاء بالكذب على الشعب، وهى بذلك تحتم على الأقل استقالة أحد الوزيرين، فهل يتدخل السيد رئيس الحكومة لحسم الأمر ومصارحة الشعب بالحقيقة؟

وأخيراً فالموضوع الرابع الذى أراه جديراً بالاهتمام هو القرار الذى أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسى يوم الأحد 21/12/2014 بإحالة اللواء محمد فريد التهامى -رئيس جهاز المخابرات العامة- للمعاش. فكلا الرجلين من رموز مصر الوطنية ولا يمكن إنكار دورهما البارز المخلص فى ثورة 30يونيو، كما أن علاقتهما الشخصية حميمة ويسيران فى اتجاه واحد لمصلحة مصر، ولذلك أعتقد أن إقالة الأخير عن ذلك المنصب الرفيع وفى هذا التوقيت الدقيق، لا تكون إلا لاختلاف الرؤية فى أمرٍ جوهرى قد يتعلق بالعلاقات الدولية والتوازن المطلوب لصالح الوطن. وهنا لابد من الإشادة والتقدير لطرفى القرار اللذين رفعا اعتبارات الأمن القومى ودواعيه فوق كل اعتبار آخر. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

■ لواء- بالمعاش