أهل الهمم
هم من قدموا التضحيات تلو التضحيات فلم تلن لهن قناة ولم يتواروا، ونالهم الويل والثبور على مر الأزمنة والعهود، أقصوهم وإن تبوأوا الصدارة فى القلوب، حاولوا تغييبهم ففرضوا أنفسهم بأعمالهم النافعة والناجحة التى لا تغمضها العين ولا تصمها الأذن.
هؤلاء هم الملاذ دون استدعاء أو طلب، وإن خذلك من تظنهم أنهم عضدك، بل ومن المقربين إليك أمثالهم، سيرتهم عطرة، وتاريخهم ناصع البياض، من الصعب إهمالهم فى حياتهم ولا نسيانهم بعد مماتهم هم مشاعل النور عندما تشتد الخطوب والأهوال، ذكرهم فريضة دون غيرهم من يستجار بهم ويقصدهم ذوو الحاجات، بل هم المفاتيح للأبواب الموصدة، هم من يشدون على يديك إذا تكالبت على رأسك الهموم والنوائب، وجارت عليك الدنيا، من يفتدونك ويؤثرونك على أنفسهم «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة» «الحشر: الآية 9».. التغيير فى خريطتهم وعلى أجندتهم فريضة.
إذا قام به البعض لا يسقط عن الآخرين، بل هم من يتوقون إلى الأصلح والأنفع، ليس لهم وحدهم وإنما للبشرية جمعاء، وإن اختلفت المعتقدات والألوان واللهجات.. «وتلك الأيام نداولها بين الناس» «آل عمران: الآية 140»، وزيادة على ذلك فإيمانهم أعمق أن ما ينفع الناس يمكث فى الأرض، هم المعادن النفيسة التى لا تؤثر فيها عوامل الدهر.. القذيفة التى تصيبهم تقوى من ظهورهم وتشد من عضدهم.. قلوبهم نقية ووجوههم مشرقة وبلجة، فهم لا يعرفون للأحقاد ولا للضغائن طريقاً.. أمثالهم تبوأوا مقاعدهم فى الجنة وفى أعلاها، وهناك ينتظرون ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. هم من يرون أن فى الاتحاد قوة، وأن التشرذم والتفكك هو الطريق الأيسر والممهد للانزواء والإخفاق والتقهقر.. و«اعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» «آل عمران: الآية 103».
هؤلاء هم أواصل الأمم وأركانها، أقرانهم فى كل زمان ومكان، والمؤسف أننا لا نقف على أقدارهم وأوزانهم وما يحملون من خير فى جعبتهم إلا بعد فوات الأوان، فهل تعرفونهم؟!
■ وكيل وزارة الأوقاف ــ كفر الشيخ