رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمن القومى والبرلمان القادم


انطلاقاً من مفهوم الأمن القومى والذى هو قدرة الدولة على التنمية فى المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية فى إطار من نظام الاستقرار الداخلى لحماية كيانها الذاتى ومنجزاتها الحضارية من خطر القهر على يد قوة خارجية أو داخلية غير شرعية لفرض أوضاع لا تتفق مع مصالحها القومية.
وتنبع التنمية فى المجال السياسى من خلال قدرة الدولة على التحرك فى محيطها الحيوى مرتكزة على برلمان يشرع القوانين ويراقب الحكومة لتحقيق حرية الوطن والمواطن والرفاهية والازدهار من أجل ذلك يجب على كل من الشعب والدولة أن يكون لهما دور كبير فى اختيار عضو البرلمان القادم من خلال استراتيجية قومية تهدف إلى اختيار النواب الذين تنطبق عليهم المواصفات والمؤهلات التالية:

الوعى التام بمدى أهمية المرحلة المقبلة والتهديدات والتحديات التى تجابه الأمن القومى المصرى بل وأيضاً الأمن القومى العربى نظراً لارتباط كليهما ليس اليوم بل منذ التاريخ القديم، حيث نجد أن رمسيس الثانى دافع عن مصر فى معركة «قادش» وهى مدينة سورية تقع بين نهر العاصى وحمص سنة 1290 ق. م - أى منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام - دافع عن مصر من خارج حدود مصر لارتباط الأمن القومى المصرى والعربى، ليس هذا فحسب ولكن قبله بمائتى عام قام تحتمس الثالث فى عام 1468 ق. م بالدفاع عن مصر من خارج مصر فى معركة «مجدو» وهى مدينة تجارية شمال فلسطين. وبالتالى يجب على نائب البرلمان أن يعى أن الأمن القومى يتعرض الآن لكثير من التحديات والتهديدات التى تحاول أن تعصف به وتعرضه للخطر وأن مصر تجابه حرباً حقيقية ليست حرباً تقليدية ولكنها حرب من حروب الجيل الرابع والتى تقوم على فكرة هدم وتفتيت الدولة من الداخل باستخدام شعارات ظاهرها الدعوة للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وفى باطنها تفكيك الدولة بتدبير وخطط ممنهجة من خلال آليات وتكتيكات هى:

إنهاك الاقتصاد من خلال الأزمات المفتعلة والمظاهرات والاعتصامات المتكررة.. التفجيرات الدموية والعنيفة والعمليات الإرهاربية التى تستهدف رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية والمواطنين الأبرياء للنيل من مؤسسات الدولة وإرباكها.. عمليات التضليل السياسى والإعلامى وصرف الأنظار عن القضايا المهمة والاهتمام بقضايا فرعية تافهة.. تحريك منظمات المجتمع المدنى المشبوهة وغير الوطنية بهدف إحداث الفتن والقلاقل وعرقلة مسيرة الوطن.. التمتع بالكفاءة العملية والفكرية والقدرة على سن القوانين لصالح الوطن والمواطن دون نظرة حزبية ضيقة او مصالح شخصية آنية، بل وضع المصالح العليا للوطن نصب أعينهم فى إطار من الالتزام بالدستور والمحافظة على القوانين واحترامها.

ثم التمتع بالنزاهة والشفافية وطهارة اليد والسمعة الحسنة فى محيط العمل والبيئة المحيطة من خلال السيرة الذاتية التى تعرض على الشعب للاختيار والحكم على مدى صلاحيته للعمل العام لخدمة الوطن. والشعب يريد من الدولة الاهتمام بالبحث عن العقول النابغة فى كل مكان وأن تضع الرجل المناسب فى المكان المناسب لكى تستعيد مصر ريادتها ومكانتها الإقليمية والدولية، لأنها دولة مركزية من خمسة الآف سنة بحدودها الجغرافية وشعبها ولها حكوماتها دون انقطاع فى أى حقبة تاريخية.

أما عن الشباب ونحن على أعتاب إنجاز الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق وهو الانتخابات البرلمانية المقبلة التى نحن نتحدث بصددها اليوم، فيجب عليهم ضرورة التجاوب مع هذا الاستحقاق عبر المشاركة الجادة والفعالة ليبدأ فيما بعد دورهم المهم فى العمل التشريعى وسن القوانين وصناعة القرار لدفع الدولة للأمام وتحقيق الأهداف القومية العليا للوطن وهى: بقاء الدولة، حرية الوطن، والرفاهية والازدهار.

وأخيراً يجب على نائب البرلمان أن يعى متطلبات المرحلة الحالية والمقبلة التى تتطلب إرادة قوية للسعى إلى بناء مصر الحديثة وترسيخ مبادئ الولاء والانتماء للوطن فى إطار من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى مع التأكيد على مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون ودولة المؤسسات وتحقيق أمن الوطن والمواطن.

خبير استراتيجى