رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الخلافة».. ليست ضرورة من الدين


يعتقد أصحاب الأحزاب الإسلامية أن الخلافة أصل من أصول الدين وضرورة من ضروراته، مضيفين بذلك ركنا سادسا للإسلام، مثلما يعتقد الشيعة أن الإمامة الركن السادس للإسلام، ولديهم اعتقاد راسخ أنه لابد من عودة الخلافة، وفى سعيهم لإحياء الخلافة الراشدة

لا يجدون نموذجا تم تطبيقه طويلا على أرض الواقع سوى الخلافة الأموية وما تلاها من خلافات عباسية وعثمانية، وكلها قامت على التوريث وطاعة الحاكم، خاصة أن نموذج الخلفاء الراشدين الأربعة لم يتكرر طوال عمر المسلمين، فقد كانت فترة قصيرة، وكان المسلمون قريبى عهد بفترة الوحى، المهم أننا نجد من نتائج ثورة 25 يناير أن وجدت تلك الأحزاب الإسلامية مناخا جيدا لإعلان برنامجها الفكرى، ومن ضمنه إحياء الخلافة الإسلامية، لم يشذ عن ذلك الإخوان المسلمين ولا السلفيين ولا حزب التحرير الإسلامى، والذى يعتبر أقدم الأحزاب الإسلامية، ولو تأملنا مصطلح الخلافة لوجدناه اجتهادا بشريا له ما له وعليه ما عليه، فالخلافة فى لغة العرب هى النيابة عن الغير، والخليفة من يقوم مقام الغير ويسد مسده، وفى تعريف آخر أن الخليفة هو من يخلف غيره، ويقوم مقامه، وورد فى القرآن الكريم : «يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض»، وفى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : «اللهم ارحم خلفائى....الذين يأتون بعدى يروون حديثى وسنتى» فالخلافة كما جاء فى الحديث الشريف منصب دينى، وليس منصبا سياسيا، ومصطلح الخلافة السياسى جاء بعد وفاة النبى الكريم، وفى سقيفة بنى ساعده اتفق المسلمون أن يكون أبو بكر الصديق رضى الله عنه خليفة النبى، وقد تم اختياره لأسباب دينية وسياسية معا، وسمّاه المسلمون خليفة رسول الله، وعندما بويع عمر بن الخطاب رضى الله عنه خليفة للمسلمين بعد وفاة الصديق، دار هذا الحوار بين عمر والمغيرة بن شعبة، وهو حوار يشهد بأن فكرة خلافة النبى كانت طارئة، دخل المغيرة فقال : السلام عليك يا خليفة الله، وهنا قال عمر: ذاك نبى الله داود، قال المغيرة: السلام عليك يا خليفة رسول الله، فقال عمر : ذاك صاحبكم المفقود«يعنى أبا بكر»، قال المغيرة : السلام عليك يا خليفة خليفة رسول الله، فقال عمر : هذا أمر يطول، قال المغيرة: السلام عليك يا عمر، فقال عمر : لا تبخسنى شرف مكاني، وهنا دخل على بن أبى طالب، فقال نحن المؤمنون وأنت أميرنا، فقال المغيرة: السلام عليك يا أمير المؤمنين، ومن يومها صار لقب أمير المؤمنين اللقب الرسمى للخلفاء، بالإضافة إلى لقب خليفة النبى، ولم يحمل اللقبين بجدارة سوى الخلفاء الراشدين والنادر من الخلفاء مثل عمر بن عبد العزيز، حيث صارت الخلافة وراثية، ولكن المسلمين عاشوا كل تاريخهم تحت ظل خليفة، فاعتقدوا خاطئين أن الخلافة من ضرورات الدين أو ركن سادس للدين، والخليفة لم يأخذ فى معظم فترات تاريخ المسلمين إلا بالقهر والسيف وقتل المعارضين والمخالفين وتبذير الأموال على البطانة، ومن يريد فهم الخلافة على حقيقتها فليشاهد المسلسل التركى «حريم السلطان» فهو يغنى عن كل قول، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

■ كاتب